للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمله حتَّى يبرأ أو يموت".

إسناد جيد قوي، ولم يخرجوه وقال معمر عن قَتَادة: ألزمناه طائره في عنقه. قال: عمله ﴿وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ قال: نخرج ذلك العمل ﴿كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا﴾ قال معمر: وتلا الحسن البصري ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ﴾: يا ابن آدم بسطت لك صحيفتك [١]، ووكل بك ملكان كريمان، أحدهما: عن يمينك، والآخر: عن يسارك، فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك، وأما الذي عن يسارك فيحفظ سيئاتك، فاعمل [٢] ما شئت أقلل أو أكثر حتَّى إذا مت طويت صحيفتك فجعلت في عنقك معك في قبرك حتَّى تخرج [٣] يوم القيامة كتابًا تلقاه [٤] منشورًا ﴿اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيكَ حَسِيبًا﴾ الآية، فقد [٥] عدل [- والله -] [٦] من جعلك حسيب نفسك. هذا من حسن كلام الحسن .

﴿مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾

يخبر تعالى أن من اهتدى واتبع الحق واقتفى آثار النبوة فإنما يحصل عاقبة ذلك الحميدة لنفسه ﴿وَمَنْ ضَلَّ﴾ أي: عن الحق وزاغ عن سبيل الرشاد فإنما يجني على نفسه، وإنَّما يعود وبال ذلك عليه.

ثم قال: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى﴾ أي: لا يحمل أحد ذنب أحد، ولا يجني جان إلا على نفسه، كما قال تعالى: ﴿وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيءٌ﴾ ولا منافاة بين هذا وبين قوله تعالى: ﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ﴾ وقوله: ﴿وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيرِ عِلْمٍ﴾ فإن الدعاة عليهم إثم ضلالهم [٧] في أنفسهم، وإثم آخر بسبب ما أضلوا من أضلوا من غير أن ينقص من أوزار أولئك ولا يحملوا عنهم شيئًا، وهذا من عدل الله ورحمته بعباده.

وكذا قوله: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ إخبار عن عدله تعالى، وأنه لا يعذب أحدًا إلا بعد قيام الحجة عليه بإرسال الرسول إليه، كما قال تعالى: ﴿كُلَّمَا أُلْقِيَ


[١]- في ز، خ: "صحيفة".
[٢]- في ز، خ: "فاملك".
[٣]- في خ: "تجد".
[٤]- في خ: "يلقاه".
[٥]- في ز: "قد".
[٦]- في ز، خ: "الله عليك".
[٧]- في خ: "ضلالتهم".