للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿مَنْشُورًا﴾ أي: مفتوحًا يقرؤه هو وغيره، فيه جميع عمله من أول عمره إلى آخره ﴿يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (١٣) بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (١٤) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ﴾ ولهذا قال تعالى: ﴿اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيكَ حَسِيبًا (١٤)﴾ أي: إنك تعلم أنك لم تظلم ولم يكتب عليك غير ما عملت، لأنك ذكرت جميع ما كان منك، ولا ينسى أحد شيئًا مما كان منه، وكل أحد يقرأ كتابه من كاتب وأمي.

وقوله: ﴿أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ﴾ إنما ذكر العنق لأنه عضو لا نظير له في [١] الجسد، ومن ألزم بشيء فيه فلا محيد له عنه كما قال الشاعر:

اذهب بها اذهب بها … طوقتها طوق الحمام [٢]

قال قَتَادة: عن جابر بن عبد الله، عن نبي الله أنَّه قال: "لا عدوى ولا طيرة، وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه" كذا رواه ابن جرير.

وقد رواه الإمام عبد بن حميد ، في مسنده متصلًا فقال: حدَّثنا الحسن بن موسى، حدَّثنا ابن لهيعة، عن أبي الزُّبَير، عن جابر قال: سمعت [رسول الله] [٣] يقول [٤]: "طير كل عبد في عنقه".

وقال الإِمام أحمد (٧٤): حدَّثنا علي بن إسحاق، حدَّثنا عبد الله، حدَّثنا ابن لهيعة، حدثني يزيد أن أبا الخير حدثه أنَّه سمع عقبة بن عامر يحدث عن النبي قال: "ليس من عَمَلِ يومٍ إلَّا وهو يختم عليه، فإذا مرض المؤمن قالت الملائكة [٥]: يا ربنا عبدك فلان قد حبسته فيقول الرب : اختموا له على مثل


= ولعل أحد الإسنادين يتقوى بالآخر، والحديث صحيح على كل حال، فإنه مقتبس من قوله تعالى في سورة الإسراء: "وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه … " وحسن إسناده السيوطي في الدر المنثور - (٤/ ٣٠٣).
(٧٤) - أخرجه أحمد - (٤/ ١٤٦) وكذا أخرجه ابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات" (٢/ ١٥٨) -كما في "الصحيحة" للألباني (٥/ ٢١٩٣) ثنا أحمد بن جميل، قال: أنبأ عبد الله بن المبارك به وهذا إسناد صحيح لأن الراوي عن ابن لهيعة أحد العبادلة وأخرجه الطبراني في الكبير - (٧٨٢) - (١٧/ ٢٨٤) والبغوي في شرح السنة (١٤٢٨) (٥/ ٢٤٠). من طريقين عن ابن لهيعة به. والحاكم - (٤/ ٣٠٨ - ٣٠٩) من طريق عبد الله بن المبارك، أخبرني رشدين، عن عمرو بن الحارث، أخبرني يزيد بن أبي حبيب به. وقال: "حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"، وتعقبه الذهبي بقوله "رشدين واه". وذكره الهيثمي في المجمع - (٢/ ٣٠٦) - وقال: رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط، وفيه ابن لهيعة وفيه كلام": وفاته أن الراوي عنه عبد الله بن المبارك.