للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وانتظموا في سلك المؤمنين، وجاهدوا معهم الكافرين وصبروا، فأخبر الله [١] تعالى أنه ﴿من بعدها﴾ أي: تلك الفعلة وهي الإِجابة إلى الفتنة ﴿لغفور﴾ لهم ﴿رحيم﴾ بهم يوم معادهم ﴿يوم تأتي نفس تجادل﴾ أي: تحاج ﴿عن نفسها﴾ ليس أحد يحاج عنها، لا أب ولا ابن، ولا أخ ولا زوج [٢] ﴿وتوفى كل نفس ما عملت﴾ أي: من خير وشر ﴿وهم لا يظلمون﴾ أي لا [لا] [٣] ينقص من ثواب الخير، ولا يزاد على ثواب الشر، ولا يظمون نقيرًا.

﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (١١٢) وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (١١٣)

هذا مثل أريد به أهل مكة؛ فإنها كانت آمنة مطمئنة مستقرة، يتخطف الناس من حولها، ومن دخلها [كان آمنًا] [٤] لا يخاف، كما قال تعالى: ﴿وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا﴾ وهكذا قال هاهنا: ﴿يأتيها رزقها رغدًا﴾ أي: هنيئًا سهلًا ﴿من كل مكان فكفرت بأنعم الله﴾ أي: جحدت آلاء الله عليها، وأعظمها [٥] بعثة محمد إليهم، كما قال تعالى ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (٢٨) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ [٦] الْقَرَارُ﴾ ولهذا بدلهم الله بحاليهم الأولين خلافهما، فقال: ﴿فأذاقها الله لباس الجوع والخوف﴾ أي: ألبسها وأذاقها الجوع بعد أن كان يجبى إليهم ثمرات كل شيء، ويأتيها رزقها رغدًا من كل مكان، وذلك لما استعصوا على رسول الله ، وأبوا إلا خلافه، فدعا عليهم بسبع كسبع يوسف، فأصابتهم سنة أذهبت كل شيء لهم، فأكلوا العلهز [٧]: وهو وبر البعير يخلط [٨] بدمه إذا نحروه.


[١]- سقط من: ت.
[٢]- في ز: "زوجة".
[٣]- سقط من: ز، خ.
[٤]- ما بين المعكوفتين في ز: "أمن".
[٥]- في ز: "أعظم ذلك".
[٦]- في ز، خ: "فبئس".
[٧]- في ز: "العهر"، خ: "العهن".
[٨]- في خ: "يحبل".