للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأفضل والأولى أن يثبت المسلم على دينه ولو أفضى إلى [١] قتله، كما ذكر [٢] الحافظ بن عساكر في ترجمة عبد الله بن حذافة السهمي أحد الصحابة: أنه أسرته الروم، فجاءوا به إلى ملكهم، فقال له: تنصر وأنا أشركك في ملكي وأزوجك ابنتي. فقال له: لو أعطيتني جميع ما تملك، وجميع ما تملكه العرب، على أن أرجع عن دين محمد [] طرفة عين ما فعلت. فقال: إذا أقتلك. فقال [٣]: أنت وذاك. قال [٤]: فأمر به فصلب، وأمر الرماة فرموه قريبًا من يديه ورجليه، وهو يعرض عليه دين النصرانية فيأبى، ثم أمر به فأنزل، ثم أمر بقدر -وفي رواية: ببقرة من نحاس- فأحميت، وجاء بأسير من المسلمين فألقاه وهو ينظر، فإذا هو عظام يلوح، وعرض عليه فأبى، فأمر به أن يلقى فيها، فرفع في البكرة ليلقى فيها فبكى، فطمع فيه ودعاه، فقال له [٥]: إني إنما بكيت لأن نفسي إنما هي نفس واحدة تلقى في هذه القدر الساعة [في الله] [٦]، فأحببت أن يكون في بعدد كل شعرة في جسدي نفس تعذب هذا العذاب في الله. وفي بعض الروايات: إنّه سجنه ومنع عنه الطعام والشراب أيامًا، ثم أرسل إليه بخمر ولحم خنزير فلم يقربه، ثم استدعاه فقال: ما منعك أن تأكل؟ فقال: أما إنه قد حل لي ولكن لم أكن لأشمتك في. فقال له الملك: فقبل رأسي وأنا أطلقك فقال [٧]: [وتطلق معى جميع أسارى المسلمين؟ قال:] [٨] نعم [٩]. فقبل رأسه، فأطلقه وأطلق معه [١٠] جميع أسارى المسلمين عنده، فلما رجع قال عمر بن الخطاب : حق على كل مسلم أن يقبل رأس عبد الله بن حذافة وأنا أبدأ. فقام فقبل رأسه []-.

﴿ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١١٠) يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (١١١)

هؤلاء صنف آخر كانوا مستضعفين بمكة مهانين في قومهم، قد واتوهم على الفتنة، ثم أنهم أمكنهم الخلاص بالهجرة، فتركوا بلادهم وأهليهم وأموالهم ابتغاء رضوان الله وغفرانه،


[١]- سقط من: ز.
[٢]- في ز، خ: "قال".
[٣]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ
[٤]- في ز: "قال".
[٥]- زيادة من: ز.
[٦]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ.
[٧]- سقط من: ز، خ.
[٨]- في خ: "وأطلق جميع أسارى المسلمين قال".
[٩]- سقط من: ز، خ.
[١٠]- سقط من: خ.