للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيهِمُ الَّذِي أَوْحَينَا إِلَيكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إلا هُوَ عَلَيهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيهِ مَتَابِ (٣٠)

يقول تعالى: وكما أرسلناك يا محمد في هذه الأمة ﴿لِتَتْلُوَ عَلَيهِمُ الَّذِي أَوْحَينَا إِلَيكَ﴾، أي: تبلغهم رسالة الله إليهم، كذلك أرسلنا في الأمم الماضية الكافرة بالله، وقد كُذّب الرسل من قَبلك، فلك فيهم أسوة، وكما أوقعنا بأسنا ونقمتنا بأولئك، فليحذر هؤلاء من حلول النقم بهم، فإن تكذيبهم لك أشدّ من تكذيب غيرك من المرسلين، قال الله تعالى: ﴿تَاللَّهِ [١] لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيطَانُ أَعْمَالهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ﴾، أي: كيف نصرناهم، وجعلنا العاقبة لهم ولأتباعهم في الدنيا والآخرة.

وقوله: ﴿وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ﴾، أي: هذه الأمة [٢] التي بعثناك فيهم يكفرون بالرحمن، لا يقرون به، لأنهم كانوا يأنفون [٣] من وصف الله بالرحمن الرحيم، ولهذا أنفوا يوم الحديبية أن يكتبوا "بسم الله الرحمن الرحيم" وقالوا: ما ندرى ما الرحمن الرحيم؟ قاله [٤] قتادة، والحديث في صحيح البخاري (٩٧)، وقد قال الله تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَو ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾، وفي صحيح مسلم (٩٨) عن عبد الله بنِ عمر قال: قال رسول الله : "إن أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن".


(٩٧) - صحيح البخاري كتاب: الشروط، كتاب: الشروط في الجهاد … (٢٧٣١، ٢٧٣٢) - وانظر أطرافه عند رقم (١٦٩٤) - وأخرجه أحمد (١٨٩٦٣، ١٨٩٨١) (٤/ ٣٢٣، ٣٢٨) وأبو داود (٢٧٦٥، ٤٦٥٥)، والنسائي (٥/ ١٦٩، ١٧٠) من حديث المسور بن مخرمة.
(٩٨) - صحيح مسلم كتاب: الآداب، باب: النهي عن التكني بأبي القاسم وبيان ما يستحب من الأسماء (٢) (٢١٣٢) وأخرجه أيضًا أحمد (٢/ ٢٤) وأبو داود، كتاب: الأدب، باب: في تغير الأسماء (٤٩٤٩)، والترمذي كتاب: الأدب، باب: ما جاء ما يستحب من الأسماء (٢٨٣٥، ٢٨٣٦) وابن ماجه كتاب: الأدب، باب: ما يستحب من الأسماء (٣٧٢٨).