للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رياض الجنة. فلما انتهوا إلى منازلهم، وجدوا الملائكة قُعُودًا على منابر من نور، ينتظرونهم ليزوروهم ويصافحوهم ويهنئوهم كرامَةَ ربهم. فلما دخلوا قصورهم وجدوا فيها جميع ما تَطَاولَ به عليهم وما سألوا وتمنوا، وإذا على باب كل قصر من تلك القصور أربعة جنان، جنتان [١] ذواتا أفنان، وجنتان مُدْهامتان، وفيهما عينان نضاختان، وفيهما من كل فاكهة زوجان، وحور مقصورات في الخيام، فلما تَبَيَّنوا [٢]، منازلهم واستقروا قرارهم قال لهم ربهم: هل وجدتم ما وعدتكم حقًّا؟ قالوا: نَعَم، ورَبنا. قال: هل رضيتم ثواب ربكم؟ قالوا: ربنا، رضينا فارض عنا. قال: برضاي [٣] عنكم حللتم داري، ونظرتم إلى وجهي، وصافحتكم [٤] ملائكتي، فهنيئًا هنيئًا لكم، ﴿عَطَاءً غَيرَ مَجْذُوذٍ﴾، ليس فيه تنغيص ولا تصريد. فعند ذلك قالوا: الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن، وأدخلنا دار المقامة من فضله، لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب، إن ربنا لغفور شكور.

وهذا سياق غريب، وأثر عجيب ولبعضه شواهد، ففي الصحيحين (٩٤): أن الله تعالى يقول لذلك الرجل الذي يكون آخر أهل الجنة دخولا الجنة: "تمن"، فيتمنى، حتى إذا انتهت به الأماني يقول الله تعالى: "تمن من كذا، وتَمَنّ من كذا" يذكره ثم يقول: "ذلك لك، وعشرة أمثاله".

وفي صحيح مسلم (٩٥)، عن أبي ذر عن رسول الله ، عن الله ﷿: "يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم، قاموا في صعيد واحد، فسألوني، فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك من ملكي شيئًا، إلا كما ينقص المخيَطُ إذا أدخل في البحر" … الحديث بطوله.

وقال خالد بن معدان: إن في الجنة شجرة يقال لها: طوبى، لها [٥] شروع كلها تُرضع صِبيانَ أهل الجنة، وإن سَقَط المرأة يكون في نهر من أنهار الجنة، يتقلب فيه حتى تقوم القيامة، فيبعث ابن أربعين سنة. رواه ابن أبي حاتم (٩٦).


(٩٤) - أخرجه البخاري، كتاب: الأذان، باب: فضل السجود (٨٠٦)، ومسلم: كتاب: الإيمان، باب: معرفة طريق الرؤية (٢٩٩) (١٨٢)، وأحمد (٢/ ٢٧٥، ٢٩٣، ٥٣٤) ضمن حديث الرؤية الطويل من مسند أبي هريرة وأبي سعيد، وأخرجه مختصرًا النسائي (٢/ ٢٢٩) وفي الكبرى (٦/ ١١٤٨٨، ١١٦٣٧) وابن ماجة (٤٣٢٦).
(٩٥) - تقدم تخريجه (يونس / آية ٤٤).
(٩٦) - وزا نسبته السيوطي في "الدر المنثور" (٤/ ١١٢) إلى ابن أبي الدنيا في "العزاء".