للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكن قد يكون إيمان كثير من العرب بالإسلام [الذي] [١] بعث به محمد أتم وأكمل وأعم وأشمل من إيمان من دخل منهم في الإسلام، فهم وإن حصل لهم أجران من تلك الحيثية، فغيرهم [قد] [٢] يحصل له من التصديق ما ينيف ثوابه على الأجرين اللذين حصلا لهم، والله أعلم.

﴿أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥)

يقول الله تعالى ﴿أولئك﴾ أي المتصفون بما تقدّم من الإيمان بالغيب وإقام الصلاة، والإنفاق من الذي رزقهم الله، والإيمان بما أنزل الله [٣] إلى الرسول ومن قبله من الرسل، والإيقان بالدار الآخرة، وهو يستلزم الاستعداد لها من الأعمال الصالحة وترك المحرّمات- ﴿على هدى﴾ أي: على [٤] نور وبيان وبصيرة من الله تعالى. ﴿وأولئك هم المفلحون﴾ أي في الدنيا والآخرة.

وقال محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد (١٠٧)، عن عكرمة -أو سعيد بن جبير- عن ابن عباس: ﴿أولئك على هدى من ربهم﴾ أي: على نور من ربهم، واستقامة على ما جاءهم به [٥]. ﴿وأولئك هم المفلحون﴾. أي الذين أدركو ما طلبوا، ونجوا من شرّ ما منه هربوا.

وقال ابن جرير (١٠٨): وأمّا معنى قوله تعالى: ﴿أولئك على هدى من ربهم﴾ فإن معنى ذلك: أنهم [٦] على نور من ربهم وبرهان واستقامة وسداد بتسديده [٧] إياهم وتوفيقه لهم.

وتأويل قوله تعالى: ﴿وأولئك هم المفلحون﴾ أي المنجحون المدركون ما طلبوا عند الله بأعمالهم وإيمانهم بالله وكتبه ورسله، من الفوز بالثواب، والخلود في الجنات، والنجاة مما أعدّ الله لأعدائه من العقاب.

وقد حكى ابن جرير قولًا عن بعضهم أنه أعاد اسم الإشارة في قوله تعالى: ﴿أولئك على


(١٠٧) - محمد بن أبي محمد: قال الذهبي في الميزان (٤/ ٢٦): لا يعرف، وهو عند ابن جرير (٢٩٣، ٢٩٤)، وابن أبي حاتم (٨٤، ٨٨).
(١٠٨) - تفسير ابن جرير (١/ ٢٤٩).