للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذه الآيات الأربع عامة [١] في كل مؤمن اتصف بها من عربي وعجمي، وكتابي من إنسي وجني، وليس تصح واحدة من هذه الصفات بدون الأخرى، بل كل واحدة مستلزمة للأخرى وشرط معها، فلا يصح الإيمان بالغيب وإقام الصلاة والزكاة إلا مع الإيمان بما جاء به الرسول [] وما جاء به من قبله من [الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين] [٢] والإيقان بالآخرة، كما أنّ هذا لا يصح إلا بذاك.

وقد أمر الله تعالى المؤمنين بذلك، كما قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ﴾. الآية. وقال تعالى: ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَينَا وَأُنْزِلَ إِلَيكُمْ﴾. الآية وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ [٣]؛ آمنوا بما نزلنا مصدّقًا لما معكم﴾. وقال تعالى: ﴿قل يا أهل الكاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم﴾. وأخبر تعالى عن المؤمنين كلهم [٤] بذلك فقال تعالى: ﴿آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبة ورسله [لا نفرق بين أحد من رسله] [٥]﴾ وقال تعالى: ﴿والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرّقوا بين أحد منهم أولئك سوف نؤتيهم أجورهم﴾. إلى [٦] غير ذلك من الآيات الدالة على أمر جميع المؤمنين بالإيمان باللَّه ورسله وكتبه.

لكن لمؤمني أهل الكتاب خصوصية، وذلك أنهم يؤمنون بما بأيديهم [٧] مفصلًا، فإذا دخلوا في الإسلام وآمنوا به مفصلًا كان لهم على ذلك الأجر مرتين، وأما غيرهم فإنما يحصل له الإيمان بما تقدم مجملًا. كما جاء في الصحيح (١٠٦): " إذا حدّثكم أهل الكتاب [فلا تكذبوهم ولا تصدّقوهم] [٨]، و [لكن] [٩] قولوا: آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم".


(١٠٦) - صحيح البخاري، كتاب التفسير، باب: ﴿قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا﴾ برقم (٤٤٨٥) وانظر (٧٣٦٢، ٧٥٤٢) من حديث أبي هريرة، ، وليس في واحدٍ منهم "إذا حدثكم أهل الكتاب"، ولفظ: كان أهل الكتاب يقرؤن التوراة بالعبرانية، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول الله، : "لا تصدقوا أهل الكتاب، ولا تكذبوهم ﴿وقولوا آمنا بالله﴾ الآية. وروى أبو داود نحوه برقم (٣٦٤٤) من حديث أبي نملة وكذلك أحمد (٤/ ١٣٦)، وعبد الرزاق (١١/ ٢٠٠٥٩)، وابن حبان (١١٠ موارد).