للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النظر عن معانيها في أنفسها؛ فقال بعضهم: إنما ذكرت ليعرف [١] بها أوائل السور. حكاه ابن جرير (٦٩) وهذا ضعيف؛ لأن الفصل حاصل بدونها، فيما لم تذكر فيه، وفيما ذكرت فيه البسملة [٢] تلاوة وكتابة.

وقال آخرون: بل ابتدئ بها لتُفْتَحَ لاستماعها أسماع المشركين، إذ [٣] تواصوا بالإعراض عن القرآن، حتى إذا استمعوا له تُلي [٤] عليهم المؤلَّف منه.

حكاه ابن جرير أيضًا (٧٠)، وهو ضعيف أيضًا؛ لأنه لو كان كذلك لكان ذلك في جميع السور لا يكون في بعضها، بل غالبها ليس كذلك، ولو كان كذلك أيضًا لانبغي الابتداء بها في أوائل الكلام معهم، سواء كان افتتاح سورة أو غير ذلك.

ثم إن هذه السورة والتي تليها أعني البقرة وآل عمران مدنيتان ليستا خطابًا للمشركين، فانتقض ما ذكروه بهذه الوجوه.

وقال آخرون: بل إنما ذكرت هذه الحروف في أوائل السور التي ذكرت فيها بيانًا لإعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله، هذا مع أنه مركب [٥] من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها.

وقد حكى هذا المذهب الرازي في تفسيره عن المبرد وجمع من المحققين.

وحكى القرطبيُّ عن الفراء وقطرب نحو هذا.

وقرره الزمحشري في كشافه ونصره أتم نصر، وإليه ذهب الشيخ الإمام العلامة أبو العباس بن تيمية وشيخنا الحافظ المجتهد أبو الحجاج المزي وحكاه لي عن ابن تيمية.

[قال الزمخشري: ولم ترد كلها مجموعة في أول القرآن، وإنما كررت ليكون أبلغ في التحدي والتبكيت، كما كررت قصص كثيرة، وكرر التحدي بالصريح في أماكن.

قال: وجاء منها على حرف واحد كقوله- ﴿ص﴾ ﴿ن﴾ ﴿ق﴾ - وحرفين مثل ﴿حم﴾ وثلاثة مثل ﴿الم﴾ وأربعة مثل ﴿المر﴾ ﴿والمص﴾ وخمسة مثل ﴿كهيعص﴾ ﴿وحم


(٦٩) - تفسير ابن جرير (١/ ٢٢٠ - ٢٢٤).
(٧٠) - تفسير ابن جرير (١/ ٢١٠).