للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال خصيف (٦٦): عن مجاهد أنه قال: فواتح السور كلها ﴿ق وص وحم وطسم والر﴾ وغير ذلك هجاء موضوع.

وقال بعض أهل العربية: هي حروف من حروف المعجم استغني بذكر ما ذكر منها في أوائل السور عن ذكر بواقيها التي هي تتمة الثمانية والعشرين حرفًا، كما يقول القائل: ابني يكتب في ا ب ت ث، أي في حروف المعجم الثمانية والعشرين، فيستغنى بذكر بعضها عن مجموعها. حكاه ابن جرير (٦٧).

قلت: مجموع الحروف المذكورة في أوائل السور بحذف المكرر منها أربعة عشر حرفًا، وهي - ال م ص رك هـ ي ع ط س خ ق ن- يجمعها قولك: نصٌّ حكيمٌ قاطعٌ لهُ سرٌّ. وهي نصف الحروف عددًا والمذكور منها أشرف من المتروك، وبيان ذلك من صناعة التصريف.

[قال الزمخشري (٦٨): وهذه الحروف الأربعة عشر مشتملة على أصناف أجناس الحروف يعني من المهموسة والمجهورة، ومن الرخوة والشديدة، ومن المطبقة والمفتوحة ومن المستعلية والمنخفضة، ومن حروف القلقلة. وقد سردها مفصلة ثم قال: فسبحان الذي دقت في كل شيء حكمته. وهذه الأجناس المعدودة مكثورة بالمذكورة منها، وقد علمت أن معظم الشيء وجله ينزل منزلة كله] [١]، ومن هاهنا لخص [٢] بعضهم في هذا المقام كلامًا فقال: لا شك أن هذه الحروف لم ينزلها عبثًا ولا سدىً، ومن قال من الجهلة: إنه في القرآن ما هو تعبد لا معنى له بالكلية فقد أخطأ خطأً كبيرًا، فتعين أن لها معنى في نفس الأمر، فإن صح لنا فيها عن المعصوم شيء قلنا به، وإلا، وقفنا حيث وقِفنا وقلنا: ﴿آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾. ولم يجمع العلماء فيها على [٣] شيء معين، وإنما اختلفوا فمن ظهر له بعض الأقوال بدليل فعليه اتباعه، وإلا فالوقف حتى يتبين. هذا مقام.

المقام الآخر في الحكمة التي اقتضت إيراد هذه الحروف في أوائل السور، ما هي؟ مع قطع


= عدي: لم أر له حديثًا منكرًا وهو على ما وصف لي أنه لا بأس به. وأما عبد الله بن أحمد بن حنيل فقال: كذاب. وقال ابن خراش: كان يضع الحديث. وقال البرقاني: لم أزل أسمعهم يذكرون أنه مقدوح فيه.
(الميزان ٣/ ٦٤٢) - وأما عطة فضعيف، لكن حديثه يحسنه الترمذي إذا توبع.
(٦٦) - رواه ابن جرير (٢٤٢)، وعزاه السيوطي في الدر (١/ ٢٣) لابن المنذر.
(٦٧) - تفسير ابن جرير (١/ ٢٠٩).
(٦٨) - الكشاف (١/ ١٣).