مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا﴾، وقال هاهنا: ﴿دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ﴾ أي: هذه الحال ﴿لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ أي: لا نشرك بك أحدًا، ولنفردنك بالعبادة هناك، كما أفردناك بالدعاء هاهنا، قال الله تعالى: ﴿فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ﴾ أي: من تلك الورطة ﴿إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ أي: كأن لم يكن من ذاك شيء ﴿كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ﴾.
ثم قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ﴾ أي: إنما يذوق وبال هذا البغي أنتم أنفسكم، ولا تضرون به أحدًا غيركم، كما جاء في الحديث (٢٣): " ما من ذنب أجدر أن يعجل اللَّه عقوبته في الدنيا - مع ما يدخر الله لصاحبه في الآخرة - من البغي وقطيعة الرحم".
وقوله: ﴿مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ﴾ [أي: إنما لكم متاع في الحياة الدنيا الدنيئة][١] الحقيرة ﴿ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ﴾ أي: مصيركم ومآلكم [٢] ﴿فَنُنَبِّئُكُمْ﴾ أي: فنخبركم بجميع أعمالكم ونوفيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسَه.
ضرب تعالى مثلا لزهرة الحياة الدنيا وزينتها، وسرعة انقضائها وزوالها، بالنبات الذي [٣] أخرجه الله من الأرض بما [٤] أنزل من السماء من الماء، مما يأكل الناس من زروع [٥] وثمار
(٢٣) - صحيح، أخرجه أبو داود، كتاب: الأدب، باب: في النهي عن البغي (٤٩٠٢)، والترمذي، كتاب: صفة القيامة، باب: "انظروا إلى من هو أسفل منكم" (٢٥١٣)، وابن ماجه، كتاب: الزهد=