للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على اختلاف أنواعها وأصنافها، وما تأكل الأنعام من أب وقضب وغير ذلك ﴿حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا﴾ أي: زينتها الفانية ﴿وَازَّيَّنَتْ﴾ أي: حسنت بما خرج من [١] رباها من زهور نضرة مختلفة الأشكال والألوان ﴿وَظَنَّ أَهْلُهَا﴾ الذين زرعوها وغرسوها ﴿أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا﴾ أي: على جذاذها وحصادها، [فبينما هم] [٢] كذلك إذ جاءتها صاعقة [٣] أو ريح شديدة [٤] باردة، فأيست أوراقها [٥] وأتلفت ثمارها؛ ولهذا قال تعالى: ﴿أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا﴾ أي: يبسًا بعد الخضرة والنضارة ﴿كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ﴾ أي: كأنها ما كانت حسناء قبل ذلك.

وقال قتادة: ﴿كَأَنْ لَمْ تَغْنَ﴾ كأن لم تنعم.

وهكذا الأمور بعد زوالها كأنها لم تكن، ولهذا جاء في الحديث (٢٤) [٦] " يؤتى بأنعم أهل الدنيا فيغمس في النار غمسة، فيقال [٧] له: هل رأيت خيرًا قط؟ [هل مر بك نعيم قط؟] [٨] فيقول: لا. [ويؤتى بأشد الناس عذابًا في الدنيا فيغمس في النعيم غمسة، ثم يقال له: هل رأيت بؤسًا قط؟ فيقول: لا] [٩].

وقال تعالى إخبارًا عن المهلكين: ﴿فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٦٧) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا﴾.

ثم قال تعالى: ﴿كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ﴾ أي: نبين الحجج والأدلة ﴿لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ فيعتبرون بهذا المثل في زوال الدنيا عن [١٠] أهلها سريعًا، مع اغترارهم [١١] بها وتمكنهم وثقتهم [١٢] بمواعيدها [وتفلتها عنهم] [١٣]، فإن من طبعها الهرب ممن طلبها،


= باب: البغي، وأحمد (٢٠٤٢٦) (٥/ ٣٦)، والبخاري في "الأدب المفرد" (٣٩) وغيرهم من حديث أبي بكرة، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح"، وصححه ابن حبان (٢/ ٤٥٥، ٤٥٦)، والحاكم (٢/ ٣٥٦)، (٤/ ١٦٣) ووافقه الذهبي وهو كما قالوا.
(٢٤) - أخرجه مسلم، كتاب: صفات المنافقين وأحكامهم، (٥٥) (٢٨٠٧)، وأحمد (١٣١٣٥، ١٣٦٨٦) (٣/ ٢٠٣، ٢٥٣) من حديث ثابت البناني عن أنس فذكر الحديث، وقد أورده المصنف هنا بمعناه، وأخرجه أيضًا ابن ماجة، كتاب: الزهد، باب: صفة النار (٤٣٢١) من طريق حميد عن=