للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٠)

يذكر تعالى حال الكفار إذا وقفوا يوم القيامة على النار، وشاهدوا ما فيها من السلاسل والأغلال، ورأوا بأعينهم تلك الأمور العظام والأهوال، فعند ذلك قالوا ﴿يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا [وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ] [١]﴾ يتمنون أن يردوا إلى الدار الدنيا؛ ليعملوا عملًا صالحًا، ولا يكذبوا بآيات ربهم، ويكونوا من المؤمنين، قال الله تعالى: ﴿بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ [مِنْ قَبْلُ﴾ أي: بل ظهر لهم حينئذ ما كانوا يخفون] [٢] في أنفسهم من الكفر والتكذيب والمعاندة، وإن أنكروها في الدنيا أو في الآخرة، كما قال قبل هذا بيسير: ﴿ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣) انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾.

ويحتمل أنهم ظهر لهم ما كانوا يعلمونه من أنفسهم، من صدق ما جاءتهم [٣] به الرسل في الدنيا، وإن كانوا يظهرون لأتباعهم خلافه، [كما قال تعالى] [٤] مخبرًا عن موسى أنه قال لفرعون: ﴿لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ … ﴾ الآية [٥]، وقوله تعالى مخبرًا عن فرعون وقومه: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ [ظُلْمًا وَعُلُوًّا] [٦]﴾.

ويحتمل أن يكون المراد بهؤلاء: المنافقين [٧]، الذين كانوا يظهرون للناس الإيمان ويبطنون الكفر، ويكون هذا اخبارًا عما يكون يوم القيامة من كلام طائفة من الكفار، ولا ينافي هذا كون هذه السورة [٨] مكية، والنفاق إنما كان من بعض أهل المدينة ومن حولها من الأعراب، فقد [٩] ذكر الله وقوع النفاق في سورة مكية [١٠]، وهي العنكبوت، فقال: ﴿وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ﴾ وعلى هذا: فيكون هذا إخبارًا عن حال المنافقين في الدار الآخرة حين يعاينون العذاب، يظهر لهم حينئذ غب ما كانوا يبطنون من المنافقين والنفاق والشقاق والله أعلم.

وأما معنى الإضراب [١١] في قوله: ﴿بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ] [١٢]﴾ فإنهم [١٣] ما طلبوا العود إلى الدنيا رغبة ومحبة [١٤] في الإِيمان، بل خوفًا من العذاب الذي


[١]- ما بين المعكوفتين سقط من: ز.
[٢]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ، ز.
[٣]- في ز: "جاءت".
[٤]- ما بين المعكوفتين في ت: "كقوله".
[٥]- سقط من: ز.
[٦]- ما بين المعكوفتين سقط من: ز.
[٧]- في ز: "المنافقون".
[٨]- سقط من: ز.
[٩]- في ز: "وقد".
[١٠]- بياض فى: ز.
[١١]- في ز: "الاعتراف".
[١٢]- ما بين المعكوفتين سقط من: ز.
[١٣]- في ز: "فهم".
[١٤]- سقط من: ز.