للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عاينوه، جزاء [١] على ما كانوا عليه من الكفر، فسألوا الرجعة إلى الدنيا، ليتخلصوا مما شاهدوا من النار، ولهذا قال: ﴿وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ أي: فى تمنيهم الرجعة رغبة ومحبة في الإِيمان.

ثم قال مخبرًا عنهم: إنهم لو ردرا إلى الدار الدنيا لعادوا لما نهوا عنه [من الكفر والمخالفة] [٢] ﴿وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ أي: في قولهم: ﴿يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾، ﴿وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ﴾.

أي: لعادرا لما نهوا عنه، و [٣] إنهم لكاذبون ولقالوا: إن هي إلا حياتنا الدنيا، أي: ما هي إلا هذه الحياة الدنيا ثم [٤] لا معاد بعدها، ولهذا قال: ﴿وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ﴾، تم قال: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ﴾ أي: ﴿قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ﴾ أي: أليس هذا المعاد بحق، وليس بباطل كما [٥] كنتم تظنون ﴿قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ أي: بما كنتم تكذبون به، فذوقوا اليوم مسه ﴿أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ﴾.

﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَاحَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (٣١) وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾

يقول تعالى مخبرًا عن خسارة من كذب بلقاء الله، وعن خيبته إذا جاءته الساعة بغتة، وعن ندامته على ما فرط من العمل، وما أسلف من قبيح الفعال، ولهذا قال: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَاحَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا﴾، وهذا الضمير: يحتمل عوده على الحياة، وعلى الأعمال، وعلى الدار الآخرة أي: فى أمرها.

وقوله: ﴿وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ﴾ أي: يحملون.

وقال قتادة (٣١): يعملون.


(٣١) - أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (٢/ ٢٠٦) ومن طريقه ابن جرير (١١/ ١٣١٨٩) وابن أبي حاتم (٤/ ٧٢٣٠) عن معمر عنه في قوله تعالى: ﴿سَاءَ مَا يَزِرُونَ﴾ قال: ساء ما يعملون.