للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد مضى في أول السورة ذكر (الشهر الحرام) و (الهدى) و (القلائد).

وقوله تعالى: ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.

قال ابن جرير (٧٧٠): " يقول تعالى ذكره: اعلموا، أيها الناس، أن ربكم الذى يعلم ما في السموات وما في الأرض، ولا يخفى عليه شيء من سرائر أعمالكم وعلانيتها، وهو يحصيها عليكم ليجازيكم بها، شديد عقابه من عصاه وتمرّد عليه، على معصيته إياه - وهو غفور لذنوب من أطاعه وأناب إليه، فساتر عليه وتارك فضيحته بها رحيم به أن يعاقبه على ما سلف من ذنوبه، بعد إنابته وتوبته منها.

وقوله: ﴿مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ﴾.

هذا من الله تعالى ذكره، تهديد لعباده ووعيد، يقول تعالى ذكره: ليس على رسولنا الذى أرسلناه إليكم، أيها الناس، بإنذاركم عقابنا بين يدى عذاب شديد، وإعذارنا إليكم بما فيه قطع حججكم - إلا أن يؤدى إليكم رسالتنا، ثم إلينا الثواب على الطاعة، وعلينا العقاب على المعصية.

﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ﴾.

يقول: وغير خفى علينا المطيع منكم، القابل رسالتنا العامل بما أمرته بالعمل به - من المُعَاصى الآبى رسالتنا، التارك العمل بما أمرته بالعمل به؛ لأنا نعلم ما عمله العامل منكم فأظهره بجوارحه ونطق به لسانه. ﴿وَمَا تَكْتُمُونَ﴾، يعنى: وما تخفون في أنفسكم من إيمان وكفر، أو يقين وشك ونفاق.

يقول تعالى ذكره: فمن كان كذلك، لا يخفى عليه شيء من ضمائر الصدور، وظواهر أعمال النفوس، مما في السموات وما في الأرض، وبيده الثواب والعقاب - فحقيق أن يُتَّقى، وأن يطاع، فلا يعصى"] [١].

﴿قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٠٠) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ


(٧٧٠) - تفسير ابن جرير الطبري (١١/ ٩٥).