للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد فسر ابن جرير ﴿قِيَامًا لِلنَّاسِ﴾ بالقوام. وروى في ذلك آثارًا منها (٧٦٧):

حدثنا هناد قال، حدثنا ابن أبي زائدة قال، أخبرنا من سمع خصَيفًا يحدث، عن مجاهد في: ﴿جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ﴾، قال: قواما للناس.

وقال سعيد بن جبير: ﴿قِيَامًا لِلنَّاسِ﴾، قال: صلاحًا لدينهم. وعنه أيضًا: "شدة لدينهم".

وعن ابن عباس قال: "قيامها: أن يأمن من توجه إليها"، وعنه أيضًا: "قيامًا لدينهم، ومعالم لحجهم".

وقال السدى: "جعل الله هذه الأربعة قيامًا للناس، هو قوام أمرهم".

قال ابن جرير (٧٦٨): " وهذه الأقوال وإن اختلفت من ألفاظ قائليها ألفاظها، فإن معانيها آيلة إلى ما قلنا من ذلك، من أن "القوام" للشيء، هو الذى به صلاحه، كما أن الملك الأعظم، قوام رعيته ومن في سلطانه؛ لأنه مدبر أمرهم، وحاجز ظالمهم عن مظلومهم، والدافع عنهم مكروه من بغاهم وعاداهم. وكذلك كانت الكعبة والشهر الحرام والهدى والقلائد، قوام أمر العرب الذى كان به صلاحهم في الجاهلية، وهى في الإسلام لأهله معالم حجهم ومناسكهم ومتوجههم لصلاتهم، وقبلتهم التي باستقبالها يتم فرضهم".

ثم قال ابن جرير: وبنحو الذى قلنا في ذلك قالت جماعة أهل التأويل.

حدثنا بشر بن معاذ (٧٦٩) قال، حدثنا جامع بن حماد، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: ﴿جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ] [١] [وَالْقَلَائِدَ﴾، حواجز أبقاها الله بين الناس في الجاهلية، فكان الرجل لو جر كل جَرِيرة ثم لجأ إلى الحرم لم يتناول ولم يقرب. وكان الرجل لو لقى قاتل أبيه في الشهر الحرام لم يعرض له ولم يقرب. وكان الرجل إذا أراد البيت تقلد قلادة من شعر فأحمته ومنعته من الناس، حتى يأتى أهله، حواجز أبقاها الله بين الناس في الجاهلية.

وروي نحوه عن ابن زيد، وابن عباس.


(٧٦٧) - تفسير ابن جرير (١١/ ٩١) (١٢٧٨٢).
(٧٦٨) - تفسير ابن جرير الطبري (١١/ ٩٢).
(٧٦٩) - تفسير ابن جرير الطبري (١١/ ٩٣) (١٢٧٩٠).