للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غرم وحرم عليه أكله؛ لأنه في حقه كالميتة، وكذا في حق غيره من المحرمين والمحلين عند مالك والشافعي في أحد قوليه، وبه يقول عطاء والقاسم وسالم وأبو يوسف ومحمد بن الحسن وغيرهم، فإن أكله أو شيئًا منه فهل يلزمه جزاء ثان [١]؟ فيه قولان للعلماء:

أحدهما: نعم، قال عبد الرزاق (٧٥٥): عن ابن جريج، عن عطاء، قال: إن ذبحه ثم أكله فكفارتان. وإليه ذهب طائفة.

والثاني: لا جزاء عليه بأكله، نص عليه مالك بن أنس.

قال أبو عمر بن عبد البر: وعلى هذا مذاهب فقهاء الأمصار وجمهور العلماء. ثم وجهه أبو عمر بما لو وطئ ثم وطئ ثم وطئ قبل أن يحد فإنما عليه حد واحد. وقال أبو حنيفة: عليه قيمة ما أكل.

وقال أبو ثور: إذا قتل المحرم الصيد فعليه جزاؤه، وحلال أكل ذلك الصيد، إلا أنني أكرهه للذي قتله، للخبر عن رسول الله : "صيد البر لكم حلال، مما لم تصيدوه أو يصد لكم" (٧٥٦).

وهذا الحديث سيأتي بيانه، وقوله بإباحته للقاتل غريب، وأما لغيره ففيه خلاف قد ذكرنا المنع عمن تقدم. وقال آخرون بإباحته لغير القاتل سواء المحرمون والمحلون؛ لهذا الحديث، والله أعلم.

وأما إذا صاد حلال صيدًا فأهداه إلى محرم، فقد ذهب ذاهبون إلى إباحته مطلقًا، ولم يستفصلوا بين أن يكون قد صاده لأجله أم لا، حكي هذا القول أبو عمر بن عبد البر: عن عمر بن الخطاب وأبي هريرة والزبير بن العوام وكعب الأحبار ومجاهد وعطاء في رواية وسعيد بن جبير. [قال] [٢] وبه قال الكوفيون.

قال ابن جرير (٧٥٧): حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع، حدثنا بشر بن المفضل، حدثنا


(٧٥٥) - رواه عبد الرزاق في مصنفه (٤/ ٤٣٩) (٨٣٦٢).
(٧٥٦) - سيأتي قريبًا.
(٧٥٧) - تفسير ابن جرير (١١/ ٧٩) (١٢٧٥٤)، ورواه أيضًا في (١٢٧٥٦)، (١٢٧٥٧) من طريقين عن قتادة عن سعيد به. ورواه في (١٢٧٦٢) من طريق يحيي بن سعيد عن سعيد بن المسيب به. وذكره السيوطي في الدر المنثور (٢/ ٥٨٧) وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة.