للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون: يؤكل من صيد البحر السمك ولا يؤكل الضفدع، واختلفوا فيما سواهما؛ فقيل: يؤكل سائر ذلك، وقيل: لا يؤكل، وقيل: ما أكل شبهه من البر أكل مثله في البحر، وما لا يؤكل شبهه لا يؤكل، وهذه كلها وجوه في مذهب الشافعي رحمه الله تعالى.

وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: لا يؤكل ما مات في البحر كما لا يؤكل ما مات في البر؛ لعموم قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾.

وقد ورد حديث بنحو ذلك فقال ابن مردويه (٧٥٣):

حدثنا عبد الباقي - هو ابن قانع -، حدثنا الحسين بن إسحاق التستري وعبد الله بن موسى ابن أبى عثمان، قالا: حدثنا الحسين بن يزيد الطحان، حدثنا حفص بن غياث، عن ابن أبي ذئب، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال [١] رسول الله : "ما صدتموه وهو حي فمات فكلوه، وما ألقي البحر ميتًا طافيًا فلا تأكلوه".

ثم رواه من طريق إسماعيل بن أمية ويحيى بن أبي أنيسة، عن أبي الزبير، عن جابر به. وهو منكر.

وقد احتج الجمهور من أصحاب مالك والشافعي وأحمد بن حنبل بحديث العنبر المتقدم ذكره، وبحديث: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته". وقد تقدم أيضًا.

وروى الإِمام أبو عبد الله الشافعي (٧٥٤) عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله : "أحلت لنا ميتتان ودمان؛ فأما الميتتان: فالحوت والجراد، وأما الدمان: فالكبد والطحال".

ورواه أحمد وابن ماجة والدارقطني والبيهقي وله شواهد، ورُوي موقوفًا، والله أعلم.

وقوله: ﴿وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا﴾ أي: في حال إحرامكم يحرم عليكم الاصطياد، ففيه دلالة على تحريم ذلك، فإذا اصطاد المحرم الصيد متعمدًا أثم وغرم، أو مخطئًا


(٧٥٣) - إسناده ضعيف، الحسين بن يزيد الطحان قال أبو حاتم في الجرح والتعديل (٣/ الترجمة ٣٠٤): لين الحديث. وكذا قال الحافظ ابن حجر في "التقريب"، وأيضًا أبو الزبير مدلس ولم يصرح بالسماع من جابر فى هذا الحديث.
(٧٥٤) - تقدم فى تفسير البقرة الآية (١٧٣)، وذكره المصنفى أيضًا في أول تفسير سورة المائدة الآية (٣).