للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و [١] قال محمد بن إسحاق (٥٠٤): حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، حدثني سعيد بي جبير أو عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال كعب بن أسد، وابن صلوبا، وعبد الله بن صوريا، وشاس بن قيس، بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى محمد لعلنا نفتنه عن دينه فأتوه، فقالوا: يا محمد، إنك قد عرفت أنا أحبار يهود وأشرافهم وساداتهم، وإنا ان اتبعناك اتبعنا يهود ولم يخالفونا، وإن بيننا وبين قومنا خصومة [٢]، فنحاكمهم إليك، فتقضي لنا عليهم ونؤمن لك ونصدقك. فأبى ذلك رسول الله ، فأنزل الله ﷿ فيهم ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾ إلى قوله: ﴿لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾.

رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم.

وقوله تعالى: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير، الناهي عن كل شر، وعدل إلى ما سواه؛ من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات، مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم، وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم [جنكيز خان] [٣]، الذي وضع لهم اليساق [٤]، وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها من شرائع شتى: من اليهودية والنصرانية والملة الإِسلامية وغيرها [٥]، وفيها كثير من الأحكام أخذها من [٦] مجرد نظره وهواه، فصارت في بنيه شرعا متبعًا يقدمونها على الحكم بكتاب الله وسنة رسول الله ، فمن [٧] فعل ذلك [منهم] فهو كافر، يجب قتاله حتى ورجع إلى حكم الله ورسوله، فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير، قال الله تعالى: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ﴾ أي: يبتغون ويريدون، وعن حكم الله يعدلون ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ أي: ومن أعدل من الله في حكمه لمن عقل


(٥٠٤) - رواه ابن جرير فى تفسيره (١٠/ ٣٩٣) (١٢١٥٠) وابن أبي حاتم فى تفسيره (٤/ ١١٥٤) (٦٤٩٨) والبيهقى فى دلائل النبوة (٢/ ٥٣٦) من طريق ابن إسحاق له. وهو عند ابن إسحاق فى السيرة (٢/ ٦٠١).