للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و [١] قال عبد الله بن كثير: ﴿فِي مَا آتَاكُمْ﴾ يعني: من الكتاب.

ثم إنه تعالى ندبهم إلى المسارعة إلى الخيرات والمبادرة إليها، فقال: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾ وهي: طاعة الله واتباع شرعه الذي جعله ناسخًا لما قبله، والتصديق بكتابه القرآن الذي هو آخر كتاب أنزله.

ثم قال تعالى: ﴿إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا﴾ أي: معادكم أيها الناس، ومصيركم إليه يوم القيامة ﴿فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ أي: فيخبركم بما اختلفتم فيه من الحق، فيجزي الصادقين بصدقهم، ويعذب الكافرين الجاحدين المكذبين بالحق العادلين عنه إلى غيره بلا دليل ولا برهان، بل هم معاندون للبراهين القاطعة، والحجج البالغة، والأدلة الدامغة.

وقال الضحاك: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾ يعني: أمة محمد (٥٠٣). والأول أظهر.

وقوله: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾ تأكيد لما تقدم من الأمر بذلك والنهي عن خلاف.

ثم قال: ﴿وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾ أي: و [٢]، احذر أعداءك اليهود أن يدلسوا عليك الحق فيما ينهونه إليك من الأمور، فلا تغتر بهم، فإنهم كذبة كفرة خونة ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا﴾ أي: عما تحكم به بينهم من الحق وخالفوا شرع الله ﴿فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ﴾ أي: فاعلم أن ذلك كائن عن قدرة [٣] الله وحكمته فيهم، لمن يصرفهم عن الهدى لما عليهم من الذنوب السالفة، التي اقتضت إضلالهم ونكالهم ﴿وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ﴾ أي: إن [٤] أكثر الناس خارجون عن طاعة ربهم مخالفون للحق ناءون عنه، كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾، وقال تعالى: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ الآية.


(٥٠٣) - رواه ابن جرير فى تفسيره (١٠/ ٣٩١) (١٢١٤٩) قال: حدثنا ابن وكيع، وأبن أبي حاتم (٤/ ١١٥٣) (٦٤٩١) حدثنا أبو سعيد الأشج قالا: حدثنا زيد بن الحباب عن أبى سنان قال سمعت الضحاك يقول فذكره وإسناده حسن رجاله رجال مسلم