للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الواضح [١]، وعدل عن الهدى إِلى الضلال.

ثم أخبر تعالى عما حل [٢] بهم من العقوبة عند مخالفتهم ميثاقَهُ، ونقضهم عهده فقال: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ﴾ أي: فبسبب نقضهم الميثاق الذي أخذ عليهم؛ لعناهم أي: أبعدناهم عن الحق، وطردناهم عن الهدى، ﴿وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً﴾ أي: فلا يتعظون بموعظة لغلظها [٣] وقساوتها. ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ﴾ أي: فسدت فهومهم، وساء تصرفهم في آيات الله، وتأوّلوا كتابه على غير ما أنزله، وحملوه على غير مراده، وقالوا عليه ما لم يقل، عياذًا بالله من ذلك. ﴿وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ﴾ أي: وتركوا العمل به رغبة عنه.

و [٤] قال الحسن: تركوا عرى دينهم ووظائف الله تعالى التي لا يقبل العمل إِلا بها (٢٦٤). وقال غيره: تركوا العمل فصاروا إِلى حالة رديئة، فلا قلوب سليمة، ولا فِطَرَ مستقيمة، ولا أعمال قويمة.

﴿وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ﴾ يعني: مكرهم، وغدرهم، لك ولأصحابك.

وقال مجاهد وغيره: يعني بذلك: تمالؤهم الفتك برسول الله (٢٦٥).

﴿فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ﴾ [] [٥] وهذا هو عين النصر والظفر، كما قال بعض السلف: ما عاملت من عصى الله فيك، بمثل أن تطيع الله فيه. وبهذا يحصل لهم تأليف وجمع على الحق، ولعل الله أن يهديهم، ولهذا قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ يعني به: الصفح عمن أساء إِليك.

وقال قتادة: هذه الآية ﴿فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ﴾ منسوخة بقوله: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ


(٢٦٤) - رواه ابن جرير الطبرى فى تفسيره (١٠/ ١٣٠) (١١٥٨٨) من طريق مبارك بن فضالة عن الحسق. ومبارك صدوق لكنه يدلس ويسوى وقد عنعن عن الحسن هنا. والأثر ذكره السيوطى فى "الدر المنثور" (٢/ ٤٧٤) ولم يعزه لغير ابن جرير.
(٢٦٥) - رواه ابن جرير الطبرى فى تفسيره (١٠/ ١٣١ - ١٣٢) (١١٥٩٠، ١١٥٩٢) من طرق عن مجاهد، وذكره السيوطى فى "الدر المنثور" (٢/ ٤٧٤) وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.