للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾. وقيل: هذا تذكار لليهود بما أخذ عليهم من المواثيق والعهود في متابعة محمَّد ، والانقياد لشرعه.

رواه على بن أبي طلحة، عن ابن عباس (٢٥٥). وقيل: هو تذكار بما أخذ تعالى من العهد على ذرية آدم، حين استخرجهم من صلبه، وأشهدهم على أنفسهم: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا﴾ قاله مجاهد ومقاتل بن حيان. والقول الأوّل أظهر، وهو المحكي عن ابن عباس والسدي، واختاره [١] ابن جرير.

ثم قال تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ تأكيد وتحريض على مواظبة التقوى في كل حال.

ثم أعلمهم أنه يعلم ما يتخالج في الضمائر والسرائر من الأسرار والخواطر، فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾.

وقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ﴾ أي: كونوا قوّامين [٢] بالحق لله ﷿ لا لأجل الناس والسمعة، وكونوا ﴿شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ﴾ أي: بالعدل لا بالجور. وقد ثبت في الصحيحين عن النعمان بن بشير (٢٥٦) أنه قال: نحلني أبي نحلًا، فقالت أمي عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد عليه [٣] رسول الله ، فجاءه [٤] ليشهده على صدقتي، فقال: "أكل ولدك نحلت مثله؟ " قال: لا. قال: "اتقوا الله، واعدلوا في أولادكم" وقال: "إِني لا أشهد على جور". قال: فرجع أبي فرد تلك الصدقة.


= وهو مريض فقلنا: حدثنا أصلحك الله بحديث ينفع الله به، سمعته من رسول الله فقال: دعانا رسول الله فبايعناه فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة، في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وألَّا ننازع الأمر أهله، قال: "إلاَّ ان تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان".
(٢٥٥) - رواه الطبرانى في الكبير (١٢/ ٢٥٦) وابن جرير في تفسيره (١٠/ ٩٢) (١١٥٥٢) من طريق على ابن أبى طلحة عن ابن عباس وقد تقدم الكلام على هذا الإسناد. وانظر أيضًا "الدر المنثور" (٢/ ٤٦٩).
(٢٥٦) - رواه البخاري في كتاب الهبة، باب: الإشهاد في الهبة، الحديث (٢٥٨٧)، وفي الشهادات، باب: لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد، الحديث (٢٦٥٠)، ومسلم في صحيحه كتاب الهبات، الحديث (١٦٢٣) من طرق عن الشعبى عن النعمان بن بشير به.