للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كل حال، وقال بعض السلف: ما عاملت من عصى الله فيك بمثل أن تطع الله فيه. والعدل به قامت السموات والأرض.

وقال ابن أبي حاتم (٣٢): حدثنا أبي، حدثنا سهل بن عفان، حدثنا عبد الله بن جعفر، عن زيد بن أسلم، قال: كان رسول الله بالحديبية وأصحابه، حين صدهم المشركون عن البيت، وقد اشتد ذلك عليهم، فمر بهم أناس من المشركين من أهل المشرق يريدون العمرة، فقال أصحاب النبي : نصد هؤلاء كما صدنا أصحابهم. فأنزل الله هذه الآية.

والشنآن، هو: البغض. قاله ابن عباس وغيره (٣٣). وهو مصدر من [شنأته أشنؤه شنآنًا] [١] بالتحريك، مثل قولهم: جمزان ودرجان ورفلان من جمز ودرج ورفل [٢]. قال ابن جرير: من العرب من يسقط التحريك في شنآن فيقول شنان، ولم أعلم أحدًا قرأ بها. ومنه قول الشاعر:

وما العيش إِلا ما تحب وتشتهي … وإِن لام فيه ذو الشنان وفندا

وقوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ يأمر تعالى عباده المؤمنين بالمعاونة على فعل الخيرات وهو البر، وترك المنكرات [٣] وهو التقوى، وينهاهم عن التناصر على الباطل، والتعاون على المآثم والمحارم.

قال ابن جرير: الإثم ترك ما أمر الله بفعله، والعدوان مجاوزة ما حدّ الله في دينكم، ومجاوزة ما فرض الله عَليكم في أنفسكم وفي غيركم.

وقد قال الإِمام أحمد: حدثنا هشيم، حدثنا عبيد الله بن أبي بكر بن أنس، [عن جده] [٤] أنس بن مالك، قال: قال رسول الله : "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا". قيل: يا رسول


(٣٢) - في إسناده عبد الله بن جعفر وهو المديني، ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال (٣/ ١١٥) وقال: وأما سهل بن عثمان وهو العسكري أبو مسعود فروى عنه أبو حاتم الرازي وأبو زرعة وسئل عنه أبو حاتم فقال: صدوق، نقل ذلك عنه ابنه في الجرح والتعديل (٤/ ٢٠٣) وذكره ابن حبان في الثقات (٨/ ٢٩٢)، والأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور (٢/ ٤٥٠).
(٣٣) - رواه عنه ابن جرير الطبري في تفسيره (٩/ ٤٨٧) (١٠٩٩٣) من طريق على بن طلحة عنه ورواه أيضًا عن كعادة، وابن زيد، وانظر أيضًا الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٦/ ٤٥ - ٤٦).