للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعاتبة على أخذ الفداء عمت جميع من أشار بأخذه، ولم يسلم منها إلا عمر بن الخطاب فعلم بهذا وبما تقدَّم ضعف هذا الأثر، والله أعلم.

وقال ابن جرير (٩): حدثني المثنى، حدَّثنا عبد الله بن صالح، حدَّثنا اللَّيث، حدثني يونس قال: قال محمد بن مسلم: قرأت كتاب رسول الله الذي كتب لعمرو بن حزم، حين بعثه إِلى نجران، وكان الكتاب عند أبي بكر بن حزم فيه: "هذا بيان من الله ورسوله ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ فكتب الآيات منها [١] حتَّى بلغ: ﴿إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ ".

وقال ابن أبي حاتم (١٠): حدَّثنا أبو سعيد، حدثنا يونس بن بكير، حدَّثنا محمد بن إِسحاق، حدثنا عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، قال: هذا كتاب رسول الله عندنا، الذي كتبه لعمرو بن حزم، حين بعثه إلى اليمن يفقه أهلها ويعلمهم السنة، ويأخذ صدقاتهم، فكتب له كتابًا وعهدًا، وأمره [] [٢] فكتب: "بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من الله ورسوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ عهد من محمد رسول الله ، لعمرو بن حزم، حين بعثه إِلى اليمن، آمره بتقوى الله في أمره كله، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون".

قوله تعالى: ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ قال ابن عبَّاس ومجاهد وغير واحد: يعني بالعقود: العهود. وحكى ابن جرير الإِجماع على ذلك. قال: والعهود ما كانوا يتعاهدون عليه من الحلف وغيره.

وقال على بن أبي طلحة (١١)، عن ابن عبَّاس في قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ يعني بالعهود، يعني ما أحل الله وما حرم، وما فرض، وما حدّ في القرآن كله، ولا تغدروا ولا تنكثوا. ثم شدّد في ذلك، فقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾ إلى قوله: ﴿سُوءُ الدَّارِ﴾.

وقال الضحاك: ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ قال: ما أحل الله وحرم، وما أخذ الله من الميثاق على


(٩) - تفسير الطبري (٩/ ٤٥٤). والحديث تقدم الكلام عليه في تفسير سورة النساء.
(١٠) - ورواه البيهقي في دلائل النبوة (٥/ ٤١٣) من طريق أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بكير به.
(١١) - رواه الطبري في تفسيره (٩/ ٤٥٢) (١٠٩٠٧).