للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٢)﴾.

قال ابن أبي حاتم (٧): حدَّثنا أبي، حدَّثنا نعيم بن حمَّاد، حدَّثنا عبد الله بن المبارك، حدَّثنا مسعر، حدثني معن وعوف أو أحدهما، أن رجلًا أتى عبد الله بن مسعود، فقال: اعهد إِليَّ، فقال: إِذا سمعت الله يقول: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فأرْعِها سمعك، فإِنَّه خير يأمر به، أو شر ينهى عنه.

وقال: حدَّثنا على بن الحسين، حدَّثنا عبد الرحمن بن إبراهيم - دحيم - حدَّثنا الوليد، حدَّثنا الأوزاعي، عن الزُّهْريّ، قال: إِذا قال الله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ افعلوا، فالنبي منهم.

وحدثنا أحمد بن سنان، حدَّثنا محمد بن عبيد، حدَّثنا الأعمش، عن خيثمة قال: كل شيء في القرآن: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فهو في التوراة: يا أيها المساكين.

فأما ما رواه عن زيد بن إِسماعيل الصائغ البغدادي، حدَّثنا معاوية - يعني ابن هشام - عن عيسى بن راشد، عن علي بن بذيمة، عن عكرمة، عن ابن عبَّاس قال: ما في القرآن آية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ إِلا أن عليًّا سيدها وشريفها وأميرها، وما من أصحاب النبي أحد إِلا قد عوتب فى القرآن، إِلا على بن أبي طالب؛ فإِنه لم يعاتب في شيء منه (٨).

فهو أثر غريب، ولفظه فيه نكارة، وفى إِسناده نظر. قال البخاري: عيسى بن راشد هذا مجهول، وخبره منكر. قلت: وعلى بن بذيمة [١]، وإِن كان ثقة إِلا أنَّه شيعي غالٍ، وخبره في مثل هذا فيه تهمة، فلا يقبل. وقوله: ولم يبق أحد من الصحابة إِلا عوتب في القرآن إِلا عليًّا. إنما يشير به إِلى الآية الآمرة بالصدقة بين يدي النجوى، فإنه قد ذكر غير واحد أنَّه لم يعمل بها أَحد إِلا علي، ونزل قوله: ﴿أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ [٢] فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾ الآية. وفي كون هذا عتابًا نظر؛ فإِنه قد قيل: إِن الأمر كان ندبًا لا إِيجابًا ثم قد نسخ ذلك عنهم قبل الفعل؛ فلم ير من أحد منهم خلافه. وقوله عن علي: إنه لم يعاتب في شيء من القرآن، فيه نظر أيضًا، فإِن الآية التي في الأنفال التي فيها


(٧) - تفسير ابن أبي حاتم (١/ ١٩٦) رقم (١٠٣٧)، وقد تقدم في تفسير سورة البقرة آية (١٠٤).
(٨) - تقدم في تفسير سورة البقرة آية (١٠٤).