للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويحتمل أن يكون المعنى [١]: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾ أي: في الدنيا، بأن يسلطوا عليهم استيلاء استئصال بالكلية، وإن حصل لهم ظفر في بعض الأحيان على بعض الناس؛ فإن العاقبة للمتقين في الدنيا والآخرة؛ كما قال تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ الآية. وعلى هذا فيكون ردًّا على المنافقين فيما أملوه وتربصوه [٢] وانتظروه من زوال دولة المؤمنين، وفيما سلكوه من مصانعتهم الكافر كان خوفًا على أنفسهم منهم، إذا هم ظهروا على المؤمنين فاستأصلوهم، كما قال تعالى: ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ﴾ إلى قوله: ﴿نادمين﴾.

وقد استدل كثير من الفقهاء [٣] بهذه الآية الكريمة على أصح قولي العلماء، وهو المنع من بيع العبد المسلم للكافرين [٤] لما في صحة ابتياعه من التسليط له [٥] عليه، والإذلال [٦]، ومن قال منهم بالصحة يأمره بإزالة ملكه عنه في الحال، لقوله تعالى: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾.

﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (١٤٢) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (١٤٣)

قد تقدم في أول سورة البقرة قوله تعالى: ﴿يخادعون الله والذين آمنوا﴾ وقال هاهنا: ﴿إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم﴾ ولا شك أن الله لا يخادع؛ فإنه العالم بالسرائر والضمائر، ولكن المنافقين لجهلهم وقلة علمهم وعقلهم يعتقدون أن أمرهم كما راج عند الناس وجرت عليهم أحكام الشريعة ظاهرًا، فكذلك يكون حكمهم يوم القيامة عند الله، وأن أمرهم يروج عنده، كما أخبر تعالى عنهم أنهم يوم القيامة، يحلفون له: أنهم كانوا على الاستقامة والسداد، ويعتقدون أن ذلك نافع لهم عنده [كما قال] [٧] تعالى: ﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾ الآية.


[١]- في ز: "المراد".
[٢]- في خ: "ورجوه".
[٣]- في خ: "العلماء".
[٤]- في ز: "من الكافر"، خ: "من الكافرين".
[٥]- سقط من: خ.
[٦]- في خ: "والإخلال".
[٧]- ما بين المعكوفتين في ر: "فقال".