للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أي: ساعدناكم في الباطن، وما ألوناهم خبالًا وتخذيلًا حتى انتصرتم عليهم.

وقال السدي: ﴿نستحوذ عليكم﴾: نغلب عليكم؛ كقوله: ﴿استحوذ عليهم الشيطان﴾ وهذا أيضًا تودد منهم إليهم؛ فإنهم كانوا يصانعون هؤلاء وهؤلاء ليحظوا عندهم، ويأمنوا كيدهم، وما ذاك إلا لضعف إيمانهم، وقلة إيقانهم.

قال الله تعالى: ﴿فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ أي: بما يعلمه منكم أيها المنافقون، من البواطن الرديئة، فلا تغتروا بجريان الأحكام الشرعية عليكم ظاهرًا في الحياة الدنيا، لما له في ذلك من الحكمة، فيوم القيامة لا تنفعكم [١] ظواهركم؛ بل هو يوم تبلى فيه السرائر ويُحَصَّل ما في الصدور.

وقوله: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾ (٨٧٠): أنبأنا الثوري، عن الأعمش، عن ذر عن [٢]، يُسَيْعٍ الكندي، قال: جاء رجل إلى على بن أبي طالب فقال: كيف هذه الآية ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾؟ فقال على : ادنه ادنه، [ثم قال] [٣]: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾.

وكذا روى ابن جريج (٨٧١) عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾ قال: ذاك يوم القيامة. وكذا روى السدي عن أبي مالكٍ الأشجعي: يعني يوم القيامة. وقال السدي: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾ أي: حجة.


(٨٧٠) - ومن طريق عبد الرزاق رواه ابن جرير (٩/ ١٠٧١٥) ورواه أيضًا (١٠٧١٦) من طريق عبد الرحمن بن مهدى، والحاكم فى "المستدرك" (٢/ ٣٠٩) من طريق أبى حذيفة، كلاهما عن سفيان الشورى به. ورواه ابن جرير أيضًا (٩/ ١٠٧١٤) من طريق جرير عن الأعمش به، و (٩/ ١٠٧١٧) وابن أبى حاتم (٤/ ٦١٣٥) من طريق الفضل بن موسى ثنا الأعمش به. من طريق غندر عن شعبة سمعت سليمان الأعمش يحدث عن ذر عن رجل عن علي به. ولا يضره ذلك؛ لأنه قد زال إبهامه فى طرق أخرى، وقد صحح إسناده الحاكم، ووافقه الذهبى، وزاد نسبته السيوطى فى "الدر المنثور" (٢/ ٤١٦) إلى الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٨٧١) - رواه ابن جرير (٩/ ١٠٧١٩) وهو منقطع بين ابن عباس وعطاء، وذكره السيوطى فى "الدر المنثور" (٢/ ٤١٦) إلى ابن المندر.