للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والذي عليه الجمهور من سلف الأمّة وخلفها، أن القاتل له توبة فيما بينه وبين الله، ﷿، فإن تاب وأناب، وخشع وخضع، وعمل عملًا صالحا بدّل الله سيئاته حسنات، وعوّض المقتول من ظلامته، وأرضاه عن طلابته، قال الله تعالى: ﴿والذين لا يدعون مع الله إلهًا آخر﴾ إلى قوله: ﴿إلا من تاب وآمن وعمل عملًا صالحًا﴾ الآية. وهذا خبر لا يجوز نسخه، وحمله على المشركين وحمل هذه الآية على المؤمنين خلاف الظاهر، ويحتاج حمله [١] إلى دليل، والله أعلم.

وقال تعالى: ﴿قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله﴾ الآية. وهذا عام في جميع الذنوب من كفر وشرك، وشك ونفاق، وقتل وفسق وغير ذلك، كل من تاب من أي ذلك، تاب الله عليه.

وقال الله تعالى: ﴿إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾ فهذه الآية عامّة في جميع الذنوب، ما عدا الشركَ، وهي مذكورة في هذه السورة الكريمة، بعد هذه الآية وقبلها؛ لتقوية الرجاء. والله أعلم.


= "بشر بن عاصم الطائفى" - ووثقه أيضًا ابن حبان - فصحح له حديث (١١/ ٤٧٤٠/ إحسان) - وقال الذهبى في "الكاشف": "وثق"، وقال ابن حجر في "التقريب": "صدوق يخطئ" وقد أفاد المزى أنه: "أخو نصر بن عاصم" راجع حاشية "تهذيب الكمال" (٤/ ت ٩٦٥).
ومما يؤكد أنه حديث "بشر" وليس حديث "نصر" أن الجمع رووه عن "بشر" وأما رواية "عمرو بن عاصم" فهو: "صدوق في حفظه شيء" فيخشى أن يكون وهم في التسمية، وأما رواية أبى عبد الرحمن المقرئ - والتى اعتمد عليها الحاكم فصحح الحديث بها - فإنه قد تبين أنه اختلف عليه فيها وترجيح الرواية الموافقة للجماعة أولى، ومما يؤكد صحة رواية الجماعة أنه قد رواه أحمد (٤/ ١١٠) والطبراني (١٧/ ٩٨١) وأبو نعيم من طريق حماد بن سلمة عن يونس بن عبيد عن حميد بن هلال به وسماه "بشر بن عاصم" وتابع حماد يزيد ابن زريع عند أبي نعيم، بينما رواه الحاكم (٢/ ١٩) من طريق حماد بن سلمة، فقال فيه: "نصر بن عاصم"!! وعلى كُل حالٍ، فإن "بشرًا" مما يحسن حديثه، لا سيما وأن له شاهدًا من حديث أنس بن مالك سود به أبو عبد الرحمن الألبانى حديث رقم (٦٨٩) من " الصحيحة".
وقد ذكر حديث عقبة الهيثمى في "المجمع" (١/ ٣١، ٣٢) وقال: "رواه الطبراني في الكبير وأحمد وأبو يعلى إلا أنه قال: عقبة بن خالد بدل عقبة بن مالك - وكأنه خطأ قديم من أحد النساخ، أو وهم من أبي يعلى، ومع هذا فقد صوبه محقق مسند أبي يعلى في المتن!! - ورجاله ثقات كلهم".