للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن جبير - أو حدثني الحكم، عن سعيد بن جبير - قال: سألت ابن عباس عن قوله: ﴿ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم﴾ قال: إن الرجل إذا عرف الإسلام، وشرائع الإسلام، ثم قتل مؤمنًا متعمدًا، فجزاؤه جهنم، ولا توبة له. فذكرت ذلك لمجاهد، فقال: إلا من ندم.

حدثنا ابن حميد وابن [١] وكيع؛ قالا (٦٨٩): حدثنا جرير، عن يحيى الجابر، عن سالم بن أبي الجعد؛ قال: كنا عند ابن عباس، بعدما كف بصره، فأتاه رجل، فناداه: يا عبد الله بن عباس، ما ترى في رجل قتل مؤمنًا متعمدًا؟ فقال: ﴿فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (٩٣)﴾. قال: أفرأيت إن تاب وعمل صالحًا ثم اهتدى؟ قال ابن عباس: ثكلته أمّه! وأنى له التوبة والهدى؟ والذي نفسي بيده، لقد سمعت نبيكم، ، يقول: "ثكلته أمه! قاتل مؤمن متعمدًا [٢]، جاء يوم القيامة [٣] أخذه بيمينه أو بشماله، تشخب أوداجه دمًا [٤] في قبُل عرش الرحمن، يلزم قاتله بشماله، و [٥] بيده الأخرى رأسه [٦]، ويقول: يارب [٧] سل هذا فيم قتلني"، وايم الذي نفس عبد الله بيده، لقد أنزلت هذه الآية، فما نسختها من آية، حتى قبض نبيكم، ، وما نزل بعدها من برهان.


= ورواه إسحاق بن إبراهيم في تفسيره، كما في "الفتح" (٨/ ٤٩٥) ومن طريقه الحاكم في "المستدرك" (٢/ ٤٠٣) كلاهما (عثمان وإسحاق) أنبا جرير به، وهذا إسناده صحيح أيضًا. قال ابن حجر (٨/ ٤٩٦): "وحاصل ما في هذه الروايات أن ابن عباس كان تارة يجعل الآيتين في محل واحدٍ، فلذلك يجزم بنسخ إحداهما، وتارة يجعل محلهما مختلفًا، ويمكن الجمع بين كلاميه بأن عموم التى في الفرقان خص منها مباشرة المؤمن القاتل متعمدًا، وكثير من السلف يطلقون النسخ على التخصيص، وهذا أولى من حمل كلامه على التناقض، وأولى من دعوى أنه قال بالنسخ ثم رجع عنه، وقول ابن عباس بأن المؤمن إذا قتل مؤمنًا متعمدًا لا توبة له مشهور عنه … " وقد جاء ذلك صريحًا عنه، فانظر الآتى.
(٦٨٩) - تفسير ابن جرير (٩/ ١٠١٨٨)، وهذا إسناد فيه لين لكلام في يحيى الجابر - وهو يحيى بن عبد الله الحارث الجابر، ويقال المجبِّر التيمى - فقد ضعفه ابن معين، وأبو حاتم، والنسائى، وقال ابن حبان: "منكر الحديث، يروى المناكير الكثيرة لا تشبه حديث الأئمة، حتى ربما سبق إلى القلب أنه كان يتعمد لذلك، لا يجوز الاحتجاج به بحال". بينما قال أحمد وابن عدى: "ليس به بأس" وروى عنه شعبة، وشيوخ شعبة جياد كما قال غير واحد، واعتمد ضعفه ابن حجر فلينه - راجع "تهذيب الكمال" (٣١/ ٦٨٥٩) وعلى كل فقد توبع، فانظر الآتى.