للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونذكر [١] ها هنا قصَّة صاحب الحضر وهو الساطرون لما احتال عليه سابور حتَّى حصره [٢] فيه [٣] وقتل من فيه بعد محاصرة سنتين، وقالت العرب في ذلك أشعارًا منها:

وأخو الحضر إذ بناه وإذ دجـ … لة تجبى إليه والخابورُ

شاده مرمرًا وجد له كلـ … سا فللطير في ذراه وُكورُ

لم تهبه أيدي المنون فباد إلـ … ملكُ عنه فبابُه مهجورُ

ولما دخل على عثمان جعل يقول: اللَّهم اجمع أمّة محمَّد. ثم تمثل بقول الشَّاعر:

أرى الموت لا يبقي عزيزًا ولم يدع … لعاد ملاذًا في البلاد ومربعا

يبيِّت أهل الحصن والحصن مغلق … ويأتي الجبال في شماريخها معًا [٤]

[قال ابن هشام: وكان كسرى سابور ذو الأكتاف قتل الساطرون ملك الحضر، وقال ابن هشام: إن الذي قتل صاحب الحضر سابور بن أردشير بن بابك أوّل ملوك بني ساسان، وأذل ملوك الطوائف، وردّ الملك إلى الأكاسرة، فأمَّا سابور ذو الأكتاف فهو من بعد ذلك بزمن طويل، والله أعلم. ذكره السهيلي.

قال ابن هشام: فحصره سنتين، وذلك لأنَّه كان أغار على بلاد سابور في غيبته وهو في العراق، وأشرفت بنت الساطرون وكان اسمها النضيرة، فنظرت إلى سابور، وعليه ثياب ديباج، وعلى رأسه تاج من ذهب مكلل بالزبرجد والياقوت واللؤلؤ فدست إليه أن تتزوّجني إن فتحت لك باب الحصن. فقال: نعم. فلما أمسى ساطرون شرب حتَّى سكر وكان لا يبيت إلَّا سكران، فأخذت مفاتيح باب الحصن من تحت رأسه فبعثت بها مع مولى لها ففتح الباب، ويقال دلتهم على طلسم كان في الحصن، لا يفتح حتَّى تؤخذ حمامة ورقاء، فتخضب رجلاها بحيض جارية بكر زرقاء، ثم ترسل فإذا وقعت على سور الحصن سقط ذلك ففتح الباب، ففعل ذلك فدخل سابور فقتل ساطرون واستباح الحصن وخرّبه، وسار بها معه وتزوّجها، فبينما هي نائمة على فراشها إذ جعلت تتململ لا تنام، فدعا لها بالشمع ففتش فراشها فوجد فيه ورقة آس، فقال لها سابور: هذا الذي أسهرك فما كان أبوك يصنع بك؟ قالت: كان يفرش لي الديباج ويلبسني الحرير، ويطعمني المخ، ويسقيني الخمر.

قال الطبري: كان يطعمني المخ والزبد، وشهد أبكار النحل، وصفو الخمر. وذكر أنَّه كان


[١]- في ز: "ويذكر".
[٢]- في ز، خ: "حصنه".
[٣]- سقط من: ز.
[٤]- في ز، خ: "العلا".