للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي الحديث الآخر عن عائشة (٥٨) وغيرها (٥٩) من الصحابة ، عن النبي قال: "رفع القلم عن ثلاثة؛ عن [١] الصبي حتى يحتلم، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق" أو يستكمل خمس عشرة سنة. وأخذوا ذلك من الحديث الثابت في الصحيحين عن [عبد الله بن] [٢] عمر، قال: عرضت على النبي يوم أحد، وأنا ابن أربع عشرة فلم يجزني، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة [سنة] [٣] فأجازني. فقال أمير المؤمنين عمر بن عبد العزير لما بلغه هذا الحديث: إن هذا الفرق بين الصغير والكبير (٦٠).

واختلفوا في إنبات الشعر الخشن حول الفرج، وهي الشعرة، هل تدل على بلوغ أم لا؟ على ثلاثة أقوال. يفرق في الثالث بين صبيان المسلمين، فلا يدل على ذلك؛ لاحتمال المعالجة، وبين صبيان أهل الذمة، فيكون بلوغًا في حقهم؛ لأنه [٤] لا يتعجل بها إلّا ضرب الجزية عليه [٥]، فلا يعالجها.

والصحيح أنها بلوغ في حق الجميع [٦]؛ لأن هذا أمر جبلي يستوي فيه الناس، واحتمال المعالجة بعيد، ثم قد دلت السنة على ذلك، في الحديث الذي رواه الإِمام أحمد (٦١)، عن


(٥٨) أخرجه أحمد في المسند (٦/ ١٠٠، ١٠١، ١٤٤) (٢٤٨٠٦) (٢٤٨١٤) (٢٥٢٢٥)، وأبو داود في كتاب الحدود، باب في المجنون يسرق أو يصيب أحدًا (٤٣٥٨)، والنسائي في كتاب الطلاق، باب من لا يقع طلاقه من الأزواج (٦/ ١٥٦)، وابن ماجة في كتاب الطلاق، باب طلاق المعتوه والصغير والنائم (٢٠٤١)، والدارمي في سننه (١٧١/ ٢)، وابن حبان في صحيحه (١/ ٣٥٥) (١٤٢)، وابن الجارود في المنتقى (١٤٨)، والحاكم في المستدرك (٢/ ٥٩). كلهم من طريق حماد بن سلمة، عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة مرفوعًا.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم وله يخرجاه.
(٥٩) كابن عباس، وأبي هريرة، وأبي قتادة وغيرهم. وانظر في ذلك: نصب الراية (٤/ ١٦١ - ١٦٥).
(٦٠) صحيح البخاري، كتاب الشهادات، باب ما يكره عن الإطناب في المدح وَلْيَقُلْ ما يعليل (٢٦٦٤)، وصحيح مسلم، كتاب الإمارة (١٨٦٨)، وفي آخره قوت عمر بن عبد العزيز: إن هذا لحَدٌّ بين الصغير والكبير.
(٦١) المسند (٤/ ٣١٠، ٥/ ٣١١ - ٣١٢) (١٨٨٣٠) (٢٢٧٦٢) (٢٢٧٦٣)، من طرق عن عبد الملك بن عمير، عن عطية القرظي به.