للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بقاء العشرة، وقد أسلمن، فلما أمره بإمساك أربع، وفراق سائرهنّ، دل على أنه لا يجوز الجمع بين أكثر من أربع بحال، فإذا كان هذا في الدوام، ففي الاستئناف بطريق الأولين والأحرى، والله أعلم بالصواب.

(حديث آخر في ذلك) روى أبو داود وابن ماجه في سننهما، من طريق محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن حُميضة بن الشمردل -وعند ابن ماجه بنت الشمردل، وحكى أبو داود أن منهم من يقول: الشمرذل بالذال المعجمة -عن قيس بن الحارث- وعند أبي داود في رواية: الحارث بن قيس بن عميرة الأسدي قال: أسلمت وعندي ثمان نسوة، فذكرتُ للنبي فقال: "اختر منهنّ أربعًا" (٤٠).

وهذا الإِسناد حسن. ومجرد [١] هذا الاختلاف لا يضر مثله، لما للحديث من الشواهد.

(حديث آخر في ذلك) قال [الإِمام محمَّد بن إدريس الشافعي ، في مسنده: أخبرني من سمع ابن أبي الزناد، يقول: أخبرني عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن، عن عوف بن الحارث، عن نوفل بن معاوية الديلي قال: أسلمت وعندي خمس نسوة، فقال لي رسول الله : "اختر أربعًا أيتهن شئت، وفارق الأخرى". فعمدت إلى أقدمهنّ صحبة، عجوز عاقر معي منذ ستين سنة فطلقتها (٤١).

فهذه كلها شواهد [بصحة ما تقدم من حديث] [٢] غيلان كما قاله [الحافظ أبو بكر البيهقي ].

وقوله: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيمَانُكُمْ﴾ أي: فإن خشيتم [٣] من تعداد النساء أن لا تعدلوا بينهن، كما قال تعالى: ﴿وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَينَ النِّسَاءِ وَلَوْ


(٤٠) سنن أبي داود، كتاب الطلاق، باب في من أسلم وعنده نساء أكثر من أربع (٢٢٤١) (٢٢٤٢)، وسنن ابن ماجه، كتاب النكاح، باب الرجل يسلم عنده أكثر من أربع نسوة (١٩٥٢)، ورواه سعيد بن منصور في سننه، باب ما جاء في الرجال يسلم وعنده أكثر من أربع نسوة أو أختان (١٨٦٣)، والطبراني في المعجم الكبير (١٨/ ٣٥٩) (٩٢٢)، والعقيلي في الضعفاء (١/ ٢٩٩) - من طريق ابن أبي ليلى عن حميضة بن الشمردل، قال البخاري: لم يصح إسناده، وقال في موضع آخر: فيه نظر. وضعف أبو علي بن السكن حديثه. وذكره العقيلي وابن الجارود وابن عدي في الضعفاء.
(٤١) شفاء العي (٢/ ٣١) (٤٤)، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (٧/ ١٨٤) والبغوي في شرح السنة (٢٢٨٩).