للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ حرفًا منهما [١] إلا أوتيته. رواه مسلم والنسائي، وهذا لفظه (١٧٧٠).

فقوله تعالى: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيهِ مِنْ رَبِّهِ﴾ إخبار عن النبي بذلك.

قال ابن جرير (١٧٧١): حدثنا بشر، حدثنا يزيد، حدثنا سعيد عن قتادة قال: ذكر لنا أنّ رسول الله قال لما نزلت عليه [٢] هذه الآية: "وحق لي أن يؤمن".

وقد روى الحاكم في مستدركه (١٧٧٢)، حدثنا أبو النضر الفقيه، حدثنا معاذ بن نجدة القرشي [٣]، حدثنا خلاد بن يحيى، حدثنا أبو عقيل عن يحيى بن أبي كثير، عن أنس بن مالك، قال: لما نزلت هذه الآية على النبي ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيهِ مِنْ رَبِّهِ﴾ قال النبي : "حق له أن يؤمن" ثم قال الحاكم: صحيح الإِسناد ولم يخرجاه.

وقوله: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ عطف على ﴿الرَّسُولُ﴾، ثم أخبر عن الجميع فقال: ﴿كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَينَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ﴾ فالمؤمنون يؤمنون بأنّ الله واحد أحد، فرد صمد، لا إله غيره، ولا رب سواه. ويصدقون بجميع الأنبياء والرسل والكتب المنزلة من السماء على عباد الله المرسلين والأنبياء، لا يفرقون بين أحد منهم فيؤمنون ببعض وكفرون ببعض، بل الجميع عندهم صادقون بارّون راشدون مهديون هادون إلى سُئل [٤] الخير، وإن كان بعضهم ينسخ شريعة بعض بإذن الله، حتى نسخ الجميع بشرع محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، الذي تقوم الساعة على شريعته، ولا تزال طائفة من أمته على الحق ظاهرين.

وقول: ﴿وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾ أي: سمعنا قولك يا ربنا وفهمناه، وقمنا به، وامتثلنا العمل بمقتضاه. ﴿غُفْرَانَكَ رَبَّنَا﴾ سؤال للمغفرة [٥] والرحمة واللطف.


(١٧٧٠) - صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها حديث (٨٠٦)، وسنن النسائي، كتاب الافتتاح (٢/ ١٣٨).
(١٧٧١) - تفسير الطبري (٦/ ١٢٤) (٦٤٩٩).
(١٧٧٢) - المستدرك (٢/ ٢٨٧) وتعقبه الذهبي، قلت: "منقطع"، وذلك لأن يحيى بن أبي كثير رأى أنسًا ولم يسمع منه.