للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإِذا قالوا عن أَصحابِ الحديثِ: أَخَذوا علْمَهُم ميتًا عن ميتٍ؛ فقد طَعَنوا طعنًا في النبوَّاتِ، وعوَّلوا على القواطعِ، ومتى أُزْرِيَ على طريقٍ؛ سَقَطَ الأخْذُ بهِ.

ومَن قالَ: حدَّثَني قلبي عن ربِّي؛ فقد صرَّحَ بالغنى عن الرسولِ، ومَن صرَّحَ بذلك فقد كَفَرَ.

فهذه كلمةٌ مدسوسةٌ في الشريعةِ، تحتَها هذه الزندقةُ، ومَن رَأَيْناهُ يُزْري على النقلِ عَلِمْنا أَنَّهُ قد عَطَّلَ أَمْرَ الشريعة، وما يُؤْمِنُ هذا القائلُ: "حَدَّثني قلبي عن ربِّي" أَنْ يكونَ ذلك مِن إِلقاءِ الشيطانِ؛ فقدْ قالَ اللهُ ﷿: ﴿وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ﴾ [الأنعام: ١٢١].

وهذا الظاهرُ؛ لأنَّهُ تركَ الدليلَ المعصومَ، وعَوَّلَ على ما يُلْقى في قلبِهِ الذي لم تَثْبُتْ حراستُهُ مِن الوساوِسِ وهؤلاء يسمون ما يعتريهم خاطرًا.

قالَ: والخوارِجُ على الشريعةِ كثيرٌ، إِلا أَنَّ الله ﷿ يؤيِّدُها بالنَّقَلَةِ حِفْظًا لأصلِها، وبالفُقَهاءِ حفظًا لمعناها، وهُم سلاطينُ العُلماءِ، لا يَتْرُكونَ لكَذَّابٍ رأْسًا يرتَفعُ.

قالَ ابنُ عقيلٍ: والناسُ يقولونَ: إِذا أَحَبَّ الله خرابَ بيتِ تاجرٍ عاشَرَ الصوفيَّةَ. قال: وأَنا أَقولُ: وخَرابَ دينِهِ؛ لأنَّ الصوفيةَ قد أَجازوا لُبْسَ النساءِ الخرق مِن الرجالِ الأجانبِ، فإِذا حَضَروا السماعَ والطَّرَبَ؛ فربَّما جرى في خلال ذلك مغازلاتٌ واستحلى بعض الأشخاصِ بعضًا، فصارَتِ الدعوةُ عُرسًا للشخصينِ، فلا يخرجُ القوم إِلا وقدْ تَعَلَّقَ قلب بشخصٍ، ومالَ طبعٌ إِلى طبعٍ، وتتغيَّرُ المرأَةُ على زوجِها، فإِنْ طابَتْ نفسُ الزوجِ سُمِّيَ بالدَّيُّوثِ، وإِنْ حَبَسَها طلبَتِ الفُرقةَ إِلى مَن تلبسُ منهُ المرَقَّعةَ، والاختلاطَ بمَن لا يُضَيِّقُ الخِناقَ، ولا يَحْجُرُ على الطِّباعِ.

<<  <   >  >>