للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرجل منهم الجماعة إلى بيته فيطعمهم ويسقيهم ويحملهم على امرأته (١).

وكشف هذه الشبهة: أنه ما دامت الأشباح قائمة فلا سبيل إلى ترك الرسوم الظاهرة من التعبد، فإن هذه الرسوم وضعت لمصالح الناس، وقد يغلب صفاء القلب على كدر الطبع إلا أن الكدر يرسب مع الدوام على الخير ويركد، فأقل شيء يحركه كالمدرة تقع في الماء الذي تحته حمأة.

وما مثل الطبع إلا كالماء يجري بسفينة النفس، والعقل مَرْدٌ (٢)، ولو أن المَرَّادَ مد عشرين فرسخًا ثم أهمل، عادت السفينة تنحدر.

ومن ادعى تغيير طبعه كذب، ومن قال: إني لا أنظر إلى المتحسنة بشهوة. لم يصدق؛ كيف وهؤلاء لو فاتتهم لقمة أو شتمهم شاتم تَغَيَّرُوا! فأين تأثير العقل والهوى يقودهم؟!

وقد رأينا أقوامًا منهم يصافحون امرأة وقد كان رسول الله وهو المعصوم لا يصافح امرأة (٣)، وبلغنا عن جماعةٍ منهم أنهم يُؤَاخُون النساء ويخلون بهنَّ ثم يَدَّعُون السلامة وقد رأوا أنهم سلموا من الفاحشة وهيهات! فأين السلامة من إثمِ


(١) تاريخ الطبري ٤/ ٥٢٩.
(٢) جاء في النسخ: مراد ويظهر أنها مرد والمَرْدُ: السُّوْقُ الشديدُ والمُرْدِيُّ: خَشَبة يدفع بها المَلَّاحُ السفينةَ، والمَرْدُ: دفعُها بـ المُرْدِيُّ، والفعل يَمْرُد وللمبالغة مرَّاد فمراده أن العقل هو من يدفع السفينة. انظر: اللسان ٣/ ٤٠٢ والقاموس المحيط ص ٤٠٧.
(٣) يدل لما ذكره المؤلف حديث عائشة في البخاري رقم (٢٧١٣) (٤٨٩١) (٥٢٨٨) (٧٢١٤) في مبايعة النبي للنساء ومسلم رقم (١٨٦٦) وأبو داود رقم (٢٩٤١) والترمذي رقم (٣٣٠٦) والنسائي في الكبرى ٥/ ٣٩٣ وابن ماجه رقم (٢٨٧٥) والإمام أحمد ٦/ ١١٤ - ١٥٣ - ٢٧٠.
وأخرج الإمام أحمد في المسند ٢/ ٢١٣ عن عبد الله بن عمرو ، وبرقم (٦٩٩٨) قال محققه أحمد شاكر: إسناده صحيح. ولفظه: كان رسول الله لا يصافح النساء في البيعة. وانظر صحيح الجامع رقم (٢٥١٣). ويشهد له ماتقدم من حديث عائشة .

<<  <   >  >>