للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واقتناعِهم بواقِعاتِهم الفاسِدةِ أوجَبَ هذا التخليط.

وليُعلمَ أنَّ الخواطِر والواقِعاتِ إنَّما هِي ثمراتٌ، فمَن كان عالمًا كانت خَواطِرُهُ صحيحةً؛ لأنَّها ثمراتٌ، ومَن كان جاهِلًا فثَمَراتُ الجهلِ كلُّها حَنظَلٌ!

قال المصنِّف: ورأيتُ بِخطِّ ابن عقيلٍ: جازَ أبو يزيدَ على مَقابِر اليهودِ، فقال: ما هؤلاءِ حتَّى يُعذِّبَهم؟! كفُّ عظامٍ جرَت عليهم القَضَايا (١)، اعفُ عنهم!

قلت: وهذا قِلَّةُ علمٍ، وهو أنَّ قولَه: كفُّ عظامٍ: احتِقارٌ للآدِميِّ، فإنَّ المؤمِن إذا ماتَ كان كف عظام. وقوله: جرَت عليهم القَضَايا: علَى فِرعونَ. وقوله: اعفُ عنهم: جهلٌ بالشَّريعةِ؛ لأنَّ اللهَ ﷿ أخبَر أنهُ لا يغفِرُ لمِن ماتَ كافرًا (٢)، فلَو قُبِلَت شَفاعةٌ في كافرٍ؛ لَقُبِلَ سؤالُ إبراهِيم صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليهِ في أبيهِ (٣)، ومحمدٍ في أمِّهِ (٤)، ولو قُبل ذلك لكان في علم الله، فنعوذُ بالله مِن قِلَّةِ العلم!

أنبأنا أبو الوقتِ عبدُ الأوَّلِ بنُ عِيسى، قال: أخبَرنا أبو بكرٍ أحمدُ بن أبى نصرٍ الكوفاني، قال: أنا أبو محمدٍ الحسَنُ بن محمد بن فورِي الحبوشانى، قال: نا أبو نصرٍ عبدُ الله بن عليٍّ الطُّوسِي المعروفُ بالسَّراج، قال: كان ابنُ سالمٍ يقول: جازَ أبو يزيدَ بمقبَرةِ اليهود، فقال: معذُورِين! ومرَّ بِمقبَرةِ المسلمين، فقال: مغرُورِين (٥)!


= سلسلة الأحاديث الضعيفة رقم (١٧٢٢). قلت: هناك أدلة غير ما ذكر تثبت أن في الجنة سوقًا كما أخرج مسلم في صحيحه عن أنس رقم (٢٨٣٣).
(١) يعني: جرت عليهم الأقدار.
(٢) كما قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٤٨]. ومن السورة قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ [النساء: ١١٦].
(٣) كما قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾ [التوبة: ١١٤].
(٤) كما في صحيح مسلم رقم (٩٧٦) عن أبي هريرة .
(٥) أخرجه الطوسي في اللمع ص ٤٧٣.

<<  <   >  >>