للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المصنِّفُ : قلت: هذه فتوى جاهلِ بالشَّرعِ؛ إذ لا خِلافَ بينَ فُقَهاء الإسلام أنهُ لا يجوزُ دخولُ البادِيةِ بغيرِ زادٍ، وأنَّ فَي فَعَلَ ذلك فماتَ بالجوعِ فإنهُ عاصٍ للهِ تعالى، مستحقٌّ لدخولِ النار.

وكذلكَ إذا تعرَّضَ بما غَالِبهُ العَطَب، فإنَّ اللهَ جعلَ النفوسَ وديعةً عندنا، قال: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [النساء: ٢٩]، وقد تكلَّمْنا فيما تقدَّمَ في وجوبِ الاحترازِ مِن المؤذِي، ولَو لم يَكُن للمسافِر بِغَيرِ زادٍ إلَّا أنهُ خالَفَ أمرَ اللهِ ﷿ في قولِهِ: ﴿وَتَزَوَّدُوا﴾ [البقرة: ١٩٧].

• أخبرنا أبو بكر بن حبيب، قال: أخبرنا أبو سعدِ بن أبي صادقٍ، قال: أنا ابنُ باكويه، قال: سمعَ أبا أحمد الكبير، يقول: سمعتُ أبا عبدِ اللهِ بن خفيفٍ يقول: خرجْتُ مِن شِيراز في السَّفْرةِ الثالِثة، فتُهْتُ في البادِيةِ وحدِي، وأصابَنِي من الجوعِ والعَطَشِ ما أسقَطَ مِن أسنانِي ثمانَيةً، وانْتَثَر شَعرِي كُلُّهُ (١).

قال المصنِّفُ : قلت: هذا قد حكى عن نفسِهِ ما ظاهِرُهُ المدح عَلى ما فَعلَ، والذَّمُّ حاق به.

• أخبَرنا أبو منصورٍ القزَّاز، قال: أخبَرنا أحمدُ بن عِلي بنِ ثابتٍ، قال: أخبَرنا عبدُ الكرِيم بن هَوزان، قال: سمعتُ أبا عبدِ الرحمن السُّلَمِيَّ يقولُ: سمعتُ محمدَ بن عبد اللهِ الواعظَ، وأخبَرنا أبو بكرِ بن حبيب، قال: أنا أبو سعدِ بن أبي صادقٍ، قال: أنا أبو عبدِ اللهِ بن باكويه واللفظُ له، قال: نا أبو الفضلِ يوسفُ بنُ عليٍّ البَلخِيُّ، قال: حدَّثنا محمدُ بن عبدِ الله بنِ عبدِ العزيزِ، قال: حدَّثنِي خيرًا النَّساج، قال: سمعتُ أبا حَمزةَ الصُّوفِي يقول: إني لأستحي من اللهِ تعالى أنْ أدخُلَ البادِيةَ وأنا شبعانٌ، وقد


(١) أخرجه ابن عساكر في تاريخه ٥٢/ ٤١١ وذكره الذهبي في السير ١٦/ ٣٤٣.

<<  <   >  >>