للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: حدثنا موسى بن عبيدة، عن نعيم المجمر عن أبيه، عن أبي ذر قال: كنت من أهل الصُّفَّة، وكنا إذا أمسينا حضرنا باب رسول الله ، فيأمر كل رجل فينصرف برجل، فيبقى من بقي من أهل الصُّفَّة عشرة أو أقل، فيؤتى النبي بعشائه فنتعشى معه، فإذا فرغنا قال رسول الله: "ناموا في المسجد" (١).

قال المصنف: قلت: وهؤلاء القوم إنما قعدوا في المسجد ضرورة، وإنما أكلوا من الصدقة ضرورة، فلما فتح الله على المسلمين استغنوا عن تلك الحال وخرجوا (٢).

ونسبة الصوفي إلى أهل الصُّفَّة غلط؛ لأنه لو كان كذلك لقيل: صُّفَّيّ (٣).

° وقد ذهب قوم إلى أنها من الصوفانة (٤)، وهي بقلة زغباء (٥) قصيرة، فنسبوا إليها لاجترائهم بنبات الصحراء، وهذا غلط أيضًا؛ لأنهم لو نسب إليها لقيل: صوفاني.

° وقال آخرون: هو منسوب إلى صوفة القفا (٦)، وهي الشعرات النابتة في مآخيره، كأن الصوفي عطف به إلى الحق وصرف عن الخلق.


(١) أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (١/ ٣٥٢، ٣٥٣)، دون التصريح بالتحديث عن شيخه، وقال فيه: عن نعيم المجمر عن أبيه. وفي إسناده الواقدي، وهو متروك مع سعة علمه.
(٢) أهل الصفة لم يكونوا يجتمعون في وقت واحد، بل منهم من يتأهّل وينتقل إلى مكان آخر يتيسّر له، ويجيء ناس بعد ناس، تارة يكثرون، وتارة يقلّون، كما أنهم كانوا يكتسبون عند إمكان الاكتساب، الذي لا يصدّهم عما هو أوجب أو أحبّ إلى الله من الكسب، وأمّا إذا أحصروا في سبيل الله عن الكسب فكانوا يقدّمون ما هو أقرب إلى الله ورسوله.
انظر: مجموعة الرسائل والمسائل (١/ ٣٦، ٣٨)، رجحان الكفّة للسخاوي (ص ٩٤).
(٣) وممن رفض هذه النسبة كذلك: البيروني في "تحقيق ما للهند" (ص ٢٤ - ٢٥)، والقشيري في "الرسالة" (ص ٤٦٤)، وابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (١٠/ ٣٦٩)، (١١/ ٦)، والسهروردي في "العوارف" (ص ٦٥)، فهو يضعّفه من حيث الاشتقاق الصرفي، ويصحّحه من حيث المعنى!
(٤) انظر: الحلية لأبي نعيم (١/ ١٧)، الموفي للأدفوي (ص ٤١).
(٥) انظر: القاموس المحيط (صوف).
(٦) انظر: الحلية لأبي نعيم (١/ ١٧)، قواعد التصوف لابن زرّوق (ص ٦).

<<  <   >  >>