للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لينفرد هو بالرواية، وقد يموت ولا يرويه فيفوت الشخصين، وربما رحل أحدهم إلى شيخ أول اسمه قاف أوكاف ليكتب ذلك في مشيخته فحسب.

• ومن تلبيس إبليس على أصحاب الحديث: قدح بعضهم في بعض طلبًا للتشفي، ويخرجون ذلك مخرج الجرح والتعديل الذي استعمله قدماء هذه الأمة للذب عن الشرع والله أعلم بالمقاصد، ودليل خبث مقصد هؤلاء سكوتهم عمن يحابونه، وما كان القدماء هكذا، فقد كان علي بن المديني يحدث عن أبيه وكان ضعيفًا ثم يقول: وفي حديث الشيخ ما فيه (١).

أخبرنا أبو بكر بن حبيب العامري، قال: أخبرنا أبو سعد بن أبي صادق، قال: أنا أبو عبد الله ابن باكويه، قال: نا بكران بن أحمد الجيلي، قال: سمعت يوسف بن الحسين يقول: سألت حارثًا المحاسبي عن الغيبة، فقال لي: احذرها فإنها شر مكتسب، ما ظنك بشيء سلبك حسناتك فرضي بها خصماؤك؛ إذ ليس هناك درهم ولا دينار فاحذرها، وتعرف منبعها فإن منبع غيبة الهمج والجهال من إشفاء الغيظ، والحمية، والحسد، وسوء الظن، وتلك مكشوفة غير خفية، وأما غيبة العلماء فمنبعها من خدْعة النفس على إبداء النصيحة وتأويل ما لا يصلح من الخبر، ولو صحَّ ما كان عونًا على الغيبة، وهو قو له: "أترعون عن ذكر الفاجر اذكروه بما فيه يحذره الناس" (٢).


(١) أخرجه ابن عدي في الكامل (٤/ ١٧٦) عن عبدان الأهوازي قال: سمعت أصحابنا يقولون: حدّث علي بن المديني عن أبيه ثم قال: وفي حديث الشيخ ما فيه، أو قال: فيه شيء. وانظر: المجروحين لابن حبّان (٢/ ١٥)، وتهذيب الكمال (١٤/ ٣٨٣).
(٢) هو نص حديث أخرجه ابن أبي الدنيا في ذم الغيبة (ص ٧٨ رقم ٨٣)، وابن حبان في المجروحين (١/ ٢٢٠)، والعقيلي في الضعفاء (١/ ٢٠٢)، وغيرهم من طرق عن الجارود بن يزيد عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده. قال ابن حبان: الخبر في أصله باطل، وهذه الطرق كلها بواطيل لا أصل لها. والجارود بن يزيد هذا قال عنه أبو حاتم في الجرح والتعديل (٢/ ٥٢٥): "هو منكر الحديث، لا يكتب حديثه، كذّاب". والحديث ذكره الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة (٢/ ٥٢ رقم ٥٨٣). وقال: موضوع.

<<  <   >  >>