للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المصنف: قلت: وكان ابن شاهين قد صنف في الحديث مصنفات كثيرة، أقلها جزء، وأكثرها التفسير وهو ألف جزء، وما كان يعرف من الفقه شيئًا، وقد كان فيهم من يقدم على الفتوى بالخطأ؛ لئلا يُرى بعين الجهل، فكان فيهم من يصير بما يفتي به ضُحكة، فسئل بعضهم عن مسألة من الفرائض فكتب في الفتوى: تقسم على فرائض الله سبحانه.

وأنبأنا محمد بن أبي منصور، قال: أنبأنا أحمد بن [الحسن] (١) بن خيرون، قال: أخبرنا أحمد بن محمد العتيقي، قال: أخبرنا أبو عمر بن حَيُّوَيْه، قال: أخبرنا سليمان بن إسحاق الجلاب، قال: نا إبراهيم الحربي، قال: بلغني أن امرأة جاءت إلى علي بن داود وهو يحدث وبين يديه مقدار ألف نفس، فقالت له: حلفت بصدقة إزاري، قال: بكم اشتريتيه؟ قالت: باثنين وعشرين درهمًا. قال: اذهبي فصومي اثنين وعشرين يومًا، فلما مرت جعل يقول: آه، آه! غلطنا والله، أمرناها بكفارة الظهار (٢) (٣).

قال المصنف: قلت: فانظر إلى هاتين الفضيحتين: فضيحة الجهل، وفضيحة الإقدام على الفتوى بمثل هذا التخليط!

واعلم أن عموم المحدثين حملوا ظاهر ما تعلَّق من صفات الباري سبحانه على مقتضى الحس، فَشَبَّهوا لأنهم لم يخالطوا الفقهاء فيعرفوا حمل المتشابه على مقتضى


(١) في الأصل و"أ": (الحسين)، وهو تحريف، والتصويب من مصادر الترجمة.
(٢) أورده ابن الجوزي في "الحث على حفظ العلم وذكر كبار الحفاظ" (ص ٢٥٩).
(٣) جواب المسألتين خطأ، فكفَّارة اليمين هي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو عتق رقبة، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام. أمّا كفّارة الظهار فهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا قبل المساس. انظر: المغني لابن قدامة (١٣/ ٥٠٦ وما بعدها)، و (١١/ ٨٠ وما بعدها).

<<  <   >  >>