للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جيراننا ونحن نستغفر الله. فما فهم القارئ ولا السامع ولا شعروا أن المراد وطء الحبالى من السبايا.

قال الخطابي: (١) وكان بعض مشايخنا يروي الحديث أن النبي "نهى عن الحِلَق قبل الصلاة يوم الجمعة" (٢)، بإسكان اللام، قال: وأخبرني: أنه بقي أربعين لا يحلق رأسه قبل الصلاة، قال: فقلت: إنما هو الحِلَق جمع: حَلَقَة، وإنما كره الاجتماع قبل الصلاة للعلم والمذاكرة، وأمر أن يشتغل بالصلاة وينصت للخطبة، فقال: قد فرجت عني. وكان من الصالحين.

وقد كان ابن صاعد كبير القدر في المحدثينِّ، لكنه لما قلت مخالطته للفقهاء كان لا يفهم جواب فتوى، حتى إنه قد أخبرنا أبو منصور القزاز، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، قال: سمعت البرقاني، يقول: قال لي أبو بكر الأبهري الفقيه: كنت عند يحيى بن محمد بن صاعد فجاءته امرأته فقالت: أيها الشيخ، ما تقول في بئر سقطت فيها دجاجة فماتت، هل الماء طاهر أو نجس؟ فقال يحيى: ويحك، كيف سقطت الدجاجة في البئر؟ قالت: لم تكن البئر مغطاة، فقال يحيى: ألا غطيتها حتى لا يقع فيها شيء. قال الأبهري: فقلت: يا هذه، إن كان الماء تغير وإلا فهو طاهر (٣).


(١) معالم السنن: (٢/ ١٣ - ١٤)، إصلاح غلط المحدثين للخطابي أيضًا (ص ٢٨ رقم ١٨).
(٢) أخرجه أبو داود (١/ ٦٥١ رقم ١٠٧٩)، والترمذي (٢/ ١٣٩ رقم ٣٢٢)، والنسائي (٢/ ٤٧)، وابن ماجه (١/ ٣٥٩ رقم ١١٣٣)، وأحمد (٢/ ١٧٩).
(٣) أخرجه ابن الجوزي في "الحث على حفظ العلم وذكر كبار الحفاظ" (ص ٢٥٨)، وأخرجه الخطيب في "تاريخه" (١٤/ ٢٣٢)، وقال عقب ذلك: (هذا القول كظن من الأبهري، وقد كان يحيى -يعني: ابن صاعد- ذا محل من العلم، وله تصانيف في السنن وترتيبها على الأحكام، تدل من وقف عليها وتأملها على فقهه. ولعل يحيى لم يجب المرأة لأن المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، فتورع أن يقلد قول بعضهم، وكره أن ينصب نفسه للفتيا، وليس هو من المترسمين بها، وأحب أن يكل ذلك إلى الفقهاء المشتهرين بالفتوى والنظر، والله أعلم).

<<  <   >  >>