للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكتبوا إليه: إنك لم تغضب لربك، إنما غضبت لنفسك، فإن شهدت على نفسك بالكفر واستقبلت التوبة نظرنا فيما بيننا وبينك، وإلا فقد نابذناك على سواء (١).

ولقي الخوارج في طريقهم عبد الله بن خباب، فقالوا: هل سمعت من أبيك حديثًا يحدثه عن رسول الله تحدثناه؟ قال: نعم. سمعته يحدث عن رسول الله أنه ذكر: "فتنة القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، فإن أدركت ذلك فكن عبد الله المقتول" (٢).

قالوا: أنت سمعت هذا من أبيك يحدثه عن رسول الله ؟ قال: نعم. فقدموه إلى شفير النهر فضربوا عنقه فسال دمه كأنه شراك نعل، وبقروا أم ولده عما في بطنها وكانت حبلى، ونزلوا تحت مواقير فسقطت رطبة فأخذها أحدهم فقذف بها في فيه، فقال أحدهم: بغير حلها وبغير ثمن، فلفظها من فيه، واخترط أحدهم سيفه فأخذه يهزه فمر به خنزير لأهل الذمة فضربه به، فقالوا له: هذا فساد في الأرض، فلقي صاحب الخنزير فأرضاه (٣).

فبعث إليهم علي : أَخْرِجوا إلينا قاتل عبد الله بن خباب. فقالوا: كلنا قَتَلَهُ، فناداهم ثلاثًا، كل ذلك يقولون هذا القول، فقال علي لأصحابه: دونكم القوم! فما لبثوا أن قتلوهم، وكانوا وقت القتال يقول بعضهم لبعض: تهيأ للقاء الرب،


(١) يُنظر: تاريخ الأمم والملوك (٥/ ٧٧ - ٧٨)، المنتظم (٥/ ١٣٢)، الكامل لابن الأثير (٣/ ٢١٦)، البداية والنهاية (٧/ ٢٩٨).
(٢) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (٥/ ١١٠)، وأبو يعلى في مسنده (١٣/ ١٧٦ - ١٧٧ رقم ٧٢١٥)، والطبراني في الكبير (٤/ ٦٠ - ٦١ رقم ٣٦٢٩، ٣٦٣٠)، قال الهيثمي في المجمع (٧/ ٣٠٥ - ٣٠٦): رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني .. ولم أعرف الرجل الذي من عبد القيس، وبقية رجاله رجال الصحيح.
(٣) انظر الخبر عند: الطبري في تاريخه (٥/ ٨١ - ٨٢)، وابن الجوزي في المنتظم (٥/ ١٣٢)، وابن الأثير في الكامل (٣/ ٢١٨)، وابن كثير في البداية (٧/ ٢٩٨).

<<  <   >  >>