للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال هشام: فحدث الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس: أن إسافا ونائلة: رجل من جرهم يقال له: إساف بن يعلى، ونائلة بنت زيد من جرهم، وكان يتعشَّقُها في أرض اليمن، فأقبلوا حجاجًا، فدخلا البيت فوجدا غفلة من الناس وخلوة من البيت، ففجر بها في البيت فمسخا، فأصبحوا فوجدوهما مسخين، فأخرجوهما فوضعوهما موضعهما، فعبدتهما خزاعة وقريش ومن حج البيت بعد من العرب (١).

قال هشام: لما مسخا حجرين وضعا عند الكعبة ليتعظ الناس بهما، فلما طال مكثهما وعبدت الأصنام عُبدا معها، وكان أحدهما بلصق الكعبة، والآخر في موضع زمزم، فنقلت قريش الذي كان بلصق الكعبة إلى الآخر، فكانوا ينحرون ويذبحون عندهما (٢).

وكان من تلك الأصنام ذو الخلصة وكان مروة (٣) بيضاء منقوشة، عليها كهيئة التاج، وكانت بتبالة بين مكة واليمن، على مسيرة سبع ليال من مكة، وكانت تعظمها وتهدي لها خثعم وبجيلة (٤)، فقال رسول الله : "ألا تكفيني ذا الخلصة؟ " فوجهه إليه، فسار إليه بأحمس، فقاتلته خثعم وباهلة، فظفر بهم وهدم بنيان ذي الخلصة وأضرم فيه النار (٥)، وذو الخلصة اليوم عتبة باب مسجد تبالة (٦).


(١) أخرجه هشام الكلبي في كتاب الأصنام (ص ٩)، وذكر الواحدي في أسباب النزول (ص ٤٧) نحوه عن ابن عباس. وأخرج الأزرقي في أخبار مكة (١/ ١٢٠) نحوه مطولا من قول عمرة بنت عبد الرحمن. وأخرج الفاكهي بإسناد صحيح كما في فتح الباري (٣/ ٥٥٥) عن الشعبي.
(٢) كتاب الأصنام (ص ٢٩) وانظر: أخبار مكة للفاكهي (٥/ ١٦٣) أخبار مكة للأزرقي: (١/ ١١٩ - ١٢٠)، فتح الباري (٣/ ٥٠٠).
(٣) المروة: حجارة بيض براقة، تكون فيها النار، وتقدح منها النار. اللسان والقاموس المحيط: (مرا).
(٤) كتاب الأصنام (ص ٣٤ - ٣٥)، وانظر: سيرة ابن هشام (١/ ١٢٦)، الروض الأنف (١/ ١٠٧).
(٥) أخرجه البخاري في مواضع، منها (٦/ ١٥٤ رقم ٣٠٢٠)، ومسلم (٤/ ١٩٢٥ رقم ٢٤٧٦)، وأبو داود (٣/ ٢١٥ رقم ٢٧٧٢)، وأحمد (٤/ ٣٦٠).
(٦) كتاب الأصنام (ص ٣٦). وقال محمد بن حبيب في المحبر (ص ٣١٧): وهو اليوم بيت قصَّار فيما أخبرت.

<<  <   >  >>