للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (١٠٨)﴾.

نهى الله تعالى المؤمنين [١] في هذه الآية الكريمة، عن كثرة سؤال النبي، ، عن الأشياء قبل كونها، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ﴾ أي: وإن تسألوا عن تفصيلها بعد نزولها تبين لكم، ولا تسألوا عن الشيء قبل كونه؛ فلعله أن يحرم من أجل تلك المسألة.

ولهذ جاء في الصحيحين [٢] (٦٥٢): (إنّ [٣] أعظم المسلمين جرمًا من سأل [٤] عن شيء لم يحرّم؛ فحرّم من أجل مسألته"، ولما سئل رسول الله عن الرجل يجد مع امرأته رجلًا (٦٥٣)، فإن تكلم تكلم بأمر عظيم، وإن سكت سكت عن مثل ذلك، فكره رسول الله المسائل وعابها، ثم أنزل الله حكم الملاعنة؛ ولهذا ثبت في الصحيحين (٦٥٤) من حديث المغيرة بن شعبة: أنّ رسول الله : كان ينهى عن قيل وقال، [وإضاعة المال، وكثرة السؤال] [٥]. وفي صحيح مسلم (٦٥٥): " ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإن نهيتكم عن شيء فاجتنبوه". وهذا إنما قاله بعد ما أخبرهم أن الله كتب عليهم الحج، فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت عنه رسول الله ثلاثًا. ثم قال : "لا، ولو قلت: نعم لوجبت، ولو وجبت لما استطعتم" ثم قال: "ذروني ما تركتكم" الحديث، وهكذا قال أنس بن مالك (٦٥٦): نهينا أن نسأل رسول الله عن شيء،


(٦٥٢) - رواه البخاري في كتاب الاعتصام، باب: ما كره من كثرة السؤال برقم (٧٢٨٩)، ومسلم في كتاب الفضائل برقم ١٣٢ - (٢٣٥٨) من حديث سعد بن أبي وقاص .
(٦٥٣) - رواه البخاري في كتاب الطلاق، باب: من جوز الطلاق ثلاثًا، وباب: اللعان ومن طلق بعد اللعان برقم (٥٢٥٩، ٥٣٠٨)، ومسلم في كتاب اللعان برقم (١٤٩٢) من حدث سهل بن سعد .
(٦٥٤) - رواه البخاري في الزكاة، برقم (١٤٧٧) ورواه مسلم في كتاب الأقضية برقم ١٢، ١٣، ١٤ - (٥٩٣).
(٦٥٥) -) رواه مسلم في كتاب الحج برقم ٤١٢ - (١٣٣٧) من حديث أبي هريرة .
(٦٥٦) - رواه مسلم في كتاب الإيمان، برقم ١٠، ١١ - (١٢).