للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما بعدها، [وأمر إبراهيم بذبح ولده ثم نسخ قبل الفعل، وأمر جمهور بني إسرائيل بقتل من عبد العجل منهم، ثم رفع عنهم القتل كيلا يستأصلهم القتل] [١] وأشياء كثيرة يطول ذكرها، وهم يعترفون بذلك ويصدفون [٢] عنه.

وما يجاب به عن هذه الأدلة بأجوبة لفظية، فلا يصرف الدلالة في المعنى، إذ هو المقصود كما في كتبهم مشهورًا من البشارة برحمد والأمر باتباعه، فإنه يفيد وجوب متابعته وأنه لا يُقْبَل عملٌ إلا على شريعته.

وسواء قيل: إن الشرائع المتقدمة مُغَيَّاة إلى بعثته ، فلا يسمى ذلك نسخًا كقوله: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيلِ﴾ وقيل: إنها مطلقة وإن شريعة محمد نسختها، فعلى كل تقدير فوجوبُ متابعته [٣] متعيّنٌ، لأنه جاء بكتاب هو آخر الكتب عهدًا بالله .

[ففي هذا المقام بَيَّن تعالى جواز النسخ ردًّا على اليهود عليهم لعنة الله، حيث قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ (١٠٦) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ الآية، فكما أن له الملك بلا منازع، فكذلك له الحكم بما يشاء ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾ وقرئ في سورة آل عمران -التي نزل صدرها خطابًا مع أهل الكتاب- وقوع النسخ في قوله تعالى: ﴿كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إلا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ﴾ الآية. كما سيأتي تفسيرها، والمسلمون كلهم متفقون على جواز النسخ في أحكام الله تعالى، لما له في ذلك من الحكمة البالغة، وكلهم قال بوقوعه.

وقال أبو مسلم الأصبهاني المفسر: لم يقع شيء من ذلك في القرآن.

وقوله ضعيف مردود مرذول. وقد تعسف في الأجوبة عما وقع من النسخ، فمن ذلك قضية العدّة بأربعة أشهر وعشر بعد الحول لم يُجب على ذلك بكلام مقبول، وقضية تحويل القبلة إلى الكعبة عن بيت المقدس لم يُجب بشيء، ومن ذلك نسخ مصابرة المسلم لعشرة من الكفرة إلى مصابرة الاثنين، ومن ذلك نسخ وجوب الصدقة قبل مناجاة الرسول وغير ذلك، والله أعلم [٤].

﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ


[١]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ.
[٢]- في خ: "اتباعه".
[٣]- في خ: "ويصدقون".
[٤]- ما بين المعكوفين سقط من: خ.