للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن أبي حاتم (٦٣٩): يعني: قبضها رفعها مثل قوله: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة" وقوله "لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى لهما ثالثًا" (٦٤٠).

وقال ابن جرير: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ﴾ ما ننقل من حُكْم آية إلى غيره، فنبدِّله ونغيره، وذلك أن يحول الحلال حرامًا، والحرام حلالًا، والمباح محظورًا، والمحظور مباحًا. ولا يكون ذلك إلا في الأمر، والنهي، والحظر، والإطلاق، والمنع، والإباحة، فأما الأخبار فلا يكون فيها ناسخ، ولا منسوخ.

وأصل النسخ: من نسخ الكتاب، وهو نقله من نسخة [إلى] [١] أخرى غيرها، فكذلك معنى نسخ الحكم إلى غيره، إنما هو تحويله، ونقل عبادَة إلى غيرها [٢]، وسواء نسخ حكمها أو خطها، [إذ هي] [٣] في كلتا حالتيها منسوخة.

وأما علماء الأصول، فاختلفت عباراتهم في حد النسخ، والأمر في ذلك قريب، لأن معنى النسخ الشرعي معلوم عند العلماء، ولخّص بعضهم أنه رفع الحكم بدليل شرعي متأخر، فاندرج في ذلك نسخ الأخف بالأثقل، وعَكسُه، والنسخ لا [٤] إلى بدل. وأما تفاصيل أحكام النسخ، وذكر أنواعه، وشروطه، فمبسوط [٥] في فَنّ أصول الفقه.

وقال الطبراني (٦٤١): حدثنا أبو شبيل [٦] عبيد الله بن عبد الرحمن بن واقد، حدثنا أبي، حدثنا العباس بن الفضل، عن سليمان بن أرقم، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، قال: قرأ رجلان سورة أقرأهما رسول اللَّه، ، فكانا يقرآن بها، فقاما ذات ليلة يصليان، فلم يقدرا منها على حرف، فأصبحا غاديين على رسول اللَّه فذكرا ذلك له، فقال رسول اللَّه، : "إنها مما نسخ، وأنسي، فالهوا عنها" فكان الزهري يقرؤها: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا﴾ بضم النون الحفيفة.


(٦٣٩) - ابن أبي حاتم (١/ ٣٢٣).
(٦٤٠) - جزء من حديث متفق عليه، رواه البخاري في الرقاق باب: ما يتقى من فتنة المال حديث ٦٤٣٦. ومسلم في الزكاة ١١٦ - (١٠٨)، ورواه مسلم بمعناه حديث ١١٨ - (١٠٤٩). وهو عندهما من حديث أنس بمعناه.
(٦٤١) - إسناده ضعيف جدًّا، والحديث في المعجم الكبير (١٢/ ٢٨٨). وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (٦/ ٣١٥) وقال: وفيه سليمان بن أرقم، وهو متروك.