للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دون الله أنصارًا﴾، أي: لم يكن لهم معين ولا مُغيث ولا مُجير ينقذهم من عذاب الله كقوله: ﴿قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ﴾.

﴿وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا﴾، أي: لا تترك على الأرض منهم أحدًا ولا تُومُريًّا [١]، وهذه من صيغ توكيد [٢] النفي. قال الضحاك: ﴿ديارًا﴾: واحدًا. وقال السدي: الديار الذي يسكن الدار.

فاستجاب الله له، فأهلك جميع [٣] من على وجه الأَرض من الكافرين، حتى ولد نوح لصلبه الذي اعتزل عن أبيه، و: ﴿قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ﴾.

وقال ابن أبي حاتم (٧): [] [٤] قرئ على يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني شَبيب بن سعيد، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس قال: قال رسول الله : "لو رحم الله من قوم نوح أحدًا لرحم امرأة لما رأت الماء حملت ولدها ثم صعدت الجبل، فلما بلغها الماء صعدت به منكبها، فلما بلغ الماء منكبها وضعت ولدها على رأسها، فلما بلغ الماء رأسها رفعت ولدها بيدها. فلو رحم الله منهم أحدًا لرحم هذه المرأة".

هذا حديث غريب، ورجاله ثقات. ونجى الله أصحاب السفينة الذين آمنوا مع نوح وهم الذين أمره الله بحملهم معه.

وقوله: ﴿إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ﴾، أي: إنك [٥]، إن أبقيت منهم أحدًا أضلوا عبادك، [أي: الذين] [٦] تخلفهم بعدهم، ﴿وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا﴾، أي: فاجرا في الأعمال كافر القلب، وذلك لخبرته بهم ومكثه بين أظهرهم ألف سنة إلا خمسين عامًا.

ثم قال: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا﴾، قال الضحاك: يعني مسجدي. ولا مانع من حمل الآية على ظاهرها، وهو أنه دعا لكل من دخل منزله وهو مؤمن، وقد قال الإمام أحمد (٨):

حدثنا أبو عبد الرحمن، حدثنا حيوة، أنبأنا سالم بن غيلان: أن الوليد بن قيس التجيبيّ


(٧) أخرجه الحاكم (٢/ ٣٤٢) من حديث عائشة مرفوعًا بنحو حديث ابن عباس. قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وتعقبه الذهبي بأن إسناده مظلم، وموسى ليس بذاك.
(٨) المسند (٣/ ٣٨) (١١٣٥٣). وأخرجه أبو داود في كتاب: الأدب، باب: من يؤمر أن يجالس=