للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المهلب، قال: فلما انفتل من صلاته قال: ذكرتم يزيدَ بن المهلب، أما إنه قتل في أول أرض عُبد فيها غير الله، قال: ثم [ذكر ودًّا،] [١] [قال: وكان ودّ] [٢] رجلًا مسلمًا، وكان محببًا في قومه، فلما مات عسكروا حول قبره في أرض بابل وجزعوا عليه، فلما رأى إبليس جَزَعهم عليه، تشبه في سورة إنسان، ثم قال: إني أرى جزعكم على هذا الرجل، فهل لكم أن أصوّر لكم مثله، فيكون في ناديكم فتذكرونه؟ قالوا: نعم. فصوّر لهم مثله، قال: ووضعوه في ناديهم وجعلوا يذكرونه. فلما رأى ما بهم من ذكره قال: هل لكم أن أجعل في منزل كل واحد منكم تمثالًا مثله، فيكون له في بيته، فتذكرونه؟ قالوا: نعم. قال: فمثل لكل أهل بيت تمثالًا مثله. فأقبلوا فجعلوا يذكرونه به، قال: وأدرك أبناؤهم فجعلوا يرون ما يصنعون به، وتناسلوا ودَرَس أمر ذكرهم إياه حتى اتخذوه إلهًا يعبدونه من دون الله أولاد أولادهم، فكان أول ما عبد غير الله: الصنم الذي سموه وَدًّا.

وقوله: ﴿وقد أضلوا كثيرًا﴾، يعني الأصنام التي اتخذوها أضلوا بها خلقًا كثيرًا فإنه استمرت [٣] عبادتها في القرون إلى زماننا هذا في العرب والعجم وسائر صنوف بني آدم. وقد قال الخليل في دعائه: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (٣٥) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ﴾.

وقوله: ﴿وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا﴾: دعاء منه على قومه لتمردهم وكفرهم وعنادهم، كما دعا موسى على فرعون وملئه في قوله: ﴿رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾. وقد استجاب الله لكل من النبيين في قومه، وأغرق أمته بتكذيبهم لما جاءهم به.

﴿مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا (٢٥) وَقَال نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (٢٦) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إلا فَاجِرًا كَفَّارًا (٢٧) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إلا تَبَارًا (٢٨)

قوله تعالى: ﴿مما خطاياهم﴾ وقرئ: ﴿خطيئاتهم﴾.

﴿أغرقوا﴾، أي: من كثرة ذنوبهم وعتوهم وإصرارهم على كفرهم ومخالفتهم رسولهم، ﴿أغرقوا فأدخلوا نارًا﴾، أي: نقلوا من تيار البحار إلى حرارة النار، ﴿فلم يجدوا لهم من


[١]- في ز: ذكروا.
[٢]- سقط من ز، خ.
[٣]- في ز: استمر.