للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يسعى حتى إذا أعيا وانبهر دخل جحره، فقالت له الأرض: يا ثعلب ديني. فخرج له حُصَاص فلم يزل كذلك حتى تقطعت عنقه فمات".

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيعَ ذَلِكُمْ خَيرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٩) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٠)

إنما سميت الجمعة جمعة، لأنها مشتقة من الجمع، بأن أهل الإسلام يجتمعون فيه في كل أسبوع مَرةً بالمعابد الكبار، وفيه كَمُل جميع الخلائق، فإنه اليوم السادس من الستة التي خلق الله فيها السماوات والأرض، وفيه خُلق آم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها، وفيه تقوم الساعة، وفيه ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يسأل الله فيها خيرًا إلا أعطاه إياه، كما ثبتت [١] بذلك الأحاديث الصحاح.

وقال ابن أبي حاتم (٦): حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا عبيدة بن حميد [٢] عن منصور، عن أبي معشر، عن إبراهيم، عن علقمة، عن قَرْثَع الضبي، حدثنا سلمان؛ قال: قال أبو القاسم : "يا سلمان؛ ما يوم الجمعة؟ " قلت: الله ورسوله أعلم. فقال رسول الله : "يوم جُمع فيه أبواك -أو: أبوكم-". وقد روي عن أبي هريرة من كلامه نحو هذا، فالله أعدم.

وقد كان يقال له في اللغة القديمة: يوم العروبة، وثبت أن الأمم قبلنا أمروا به فَضَلوا عنه، واختار اليهود يوم السبت الذي لم يقع فيه خلق، واختار النصارى يومَ الأحد الذي ابتديء فيه الخلق، واختار الله لهذه الأمة الجمعة الذي أكمل الله فيه الخلَيقَة، كما أخرجه البخاري (٧) ومسلم من حديث عبد الرزاق، عن معمر، عن همام بن منبه؛ قال: هذا ما


(٦) - أخرجه الطبراني في الأوسط (١/ ٢٥٠) (٨٢١) بنحو رواة أبي حاتم وهو عنده مطولًا. والحديث أخرج أحمد (٥/ ٤٤٠)، والنسائي (٣/ ١٠٤). كلاهما من طريق القرثع عن سلمان بنحو لفظ الزيادة عند الطبراني.
(٧) - أخرجه البخاري في كتاب التعبير، باب: النفخ في المنام، حديث (٧٠٣٦) (١٢/ ٤٢٣). ومسلم في كتاب الجمعة، كتاب: هداية هذه الأمة ليوم الجمعة، حديث (٢١/ ٨٥٥) (٦/ ٢٠٥).