للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أعطيهنّ [١] قال: "نعم" قال: تُؤمّرني حتى أقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين قال: "نعم". قال: ومعاوية تجعله كاتبًا بين يديك قال: "نعم" [] [٢]. قال: وعندي أحسن العرب وأجمله [٣]، أمّ حبيبة بنت أبي سفيان أزوجكها … الحديث، وقد تقدم الكلام عليه.

وقوله تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ﴾ أي: لا ينهاكم عن الإِحسان إلى الكفرة الله الذين لا يقاتلونكم في الدين، كالنساء والضعفة منهم، ﴿أَنْ تَبَرُّوهُمْ﴾، أي: تحسنوا إليهم ﴿وَتُقْسِطُوا إِلَيهِمْ﴾، أي: تعدلوا ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾.

قال الإمام أحمد (١٩): حدثنا أبو معاوية، حدثنا هشام بن عروة، عن فاطمة بنت


= حديث (١٦٨/ ٢٥٠١) (١٦/ ٩٠) بنحو هذا اللفظ.
قال الإمام النووي في شرحه لهذا الحديث:
واعلم أن هذا الحديث من الأحاديث المشهورة بالإشكال ووجه الإشكال أن أيضًا سفيان إنما أسلم يوم فتح مكة سنة ثمان من الهجرة وهذا مشهور لا خلاف فيه وكان النبي قد تزوج أم حبيبة قبل ذلك بزمان طويل. قال أبو عبيدة وخليفة بن خياط وابن البرقي والجمهور: تزوجها سنة ست وقيل سنة سبع. قال القاضي عياض: واختلفوا أين تزوجها فقيل بالمدينة بعد قدومها من الحبشة. وقال الجمهور: بأرض الحبشة. قال: واختلفوا فيمن عقد له عليها هناك. فقيل عثمان وقيل خالد بن سعيد بن العاصي بإذنها وقيل النجاشي: لأنه كان أمير الموضع وسلطانه. قال القاضي: والذي في مسلم هنا أنه زوجها أبو سفيان غريب جدًّا وخبرها مع أبي سفيان حين ورد المدينة في حال كفره مشهور، ولم يزد القاضي على هذا. وقال ابن حزم: هذا الحديث وهم من بعض الرواة لأنه لا خلاف بين الناس أن النبي تزوج أم حبيبة قبل الفتح بدهر، وهي بأرض الحبشة وأبوها كافر وفي رواية عن ابن حزم أيضًا أنه قال: موضوع. قال: والآفة فيه من: عكرمة بن عمار الراوي عن أبي زميل. وأنكر الشيخ أبو عمرو بن الصلاح . هذا على ابن حزم، وبالغ في الشناعة عليه. قال: وهذا القول من جسارته فإنه كان هجومًا على تخطئه الأئمة الكبار وإطلاق اللسان فيهم. قال: ولا نعلم أحدًا من أئمة الحديث نسب عكرمة بن عمار إلى وضع الحديث وقد وثقه وكيع ويحيى بن معين وغيرهما. وكان مستجاب الدعوة قال: وما توهمه ابن حزم من منافاة هذا الحديث لتقدم زواجها غلط منه وغفلة، لأنه سأله تجديد عقد النكاح تطيبًا لقلبه، لأنه كان ربما يرى عليها غضاصة من رياسته ونسبة أن تزوج بنته بغير رضاه، أو أنه ظن أن إسلام الأب في مثل هذا يقتضي تجديد العقد وقد خفى أوضح من هذا على أكبر مرتبة من أبي سفيان ممن كثر علمه وطالت صحبته. هذا كلام أبي عمرو . وليس في الحديث أن النبي جدد العقد ولا قال أبي سفيان أنه يحتاج إلى تجديده فلعله أراد بقوله أن مقصودك يحصل وإن لم يكن بحقيقة عقد. والله أعلم.
(١٩) - لم أجده من هذا الطريق عند أحمد، وقد أخرجه من، طرق أخرى (٦/ ٣٤٤، ٣٤٧، ٣٥٥) =